استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاصات جيش الاحتلال كان من الأسباب القوية التي زادت التوتر في الشارع الفلسطيني، وما زاد الطين بلة هو التقرير الذي أصدره الجانب الأمريكي المتعلق بالتحليل الجنائي للجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال، الذي خلص إلى أنّ الرصاصة أُصيبت بأضرار بالغة ما حال دون التوصل إلى نتيجة واضحة، المسؤول الأول عن ذلك التقرير المستفز هو منسق الأمن الأمريكي مايكل فينزل، الذي يطرح اليوم خطة تقدمت بها الخارجية الأمريكية عبر الوزير بلينكن إلى السلطة الفلسطينية في اللقاء الذي جمعهما برام الله قبل أيام.
خطة مايكل فينزل تتلخص بتشكيل قوات فلسطينية خاصة وعالية التدريب للسيطرة على المقاومين في منطقتي نابلس وجنين، هذه الخطة التي وافق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، ودون تردد دليل على أنّ الإدارة الأمريكية لا تعرف شيئًا عن الشعب الفلسطيني وطبيعته وقوة ترابطه، ولا تدرك أنّ تلك الخطة لا يمكن تطبيقها إلا في استوديوهات هوليوود.
السلطة رفضت الخطة أو التعاطي مع مقترحات الإدارة الأمريكية لأنها ترى أنّ الإدارة الأمريكية فقط مهتمة بتنفيذ ما عجزت (إسرائيل) عن تحقيقه، وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا سيما في نابلس وجنين، والجميع يدرك أنّ ما تعجز دولة الاحتلال عن تنفيذه في الضفة الغربية لن تستطيع أي قوة أخرى إنجازه، لأنّ دولة الاحتلال تمتلك جيشًا وعتادًا، وقوات خاصة ونخبة وإلى ما هناك من تصنيفات، فضلًا عن سيطرتها برًّا وجوًّا وامتلاكها كل وسائل المراقبة، وأدوات التجسس والاغتيال والغدر ومع ذلك وقفت عاجزة أمام مقاومي الضفة الغربية والقدس ما دعاها إلى الاستعانة بالصديق الأمريكي العاجز حتى عن وضع خطة حكيمة تخدم جميع الأطراف لإعادة الهدوء إلى المنطقة.
من الغريب أن يغيب عن الإدارة الأمريكية ومايكل فينزل وبلينكن حقيقة أنّ أيّ استهداف عميق وخطير للمقاومين في الضفة الغربية سيؤدي إلى تفجير الأوضاع، وانتفاضة لا قبل لدولة الاحتلال بها في كل أرجاء الضفة الغربية، ومن المؤكد أنّ غزة لن تظلَّ مُتفرّجة وهذا أمر أكثر من يدركه ويخشاه هي دولة الاحتلال (إسرائيل).
نعلم أنّ المنطقة تشهد حراكًا غير مسبوق من أجل الوصول إلى تهدئة في الضفة الغربية والمحافظة عليها مع قطاع غزة، ولكن ما تفعله الإدارة الأمريكية يتناقض مع التهدئة، وإنّ استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني وإصرار بعض القيادات في منظمة التحرير على التهرب من المصالحة سيُبقي الساحة الفلسطينية متوترة، والموقف الفلسطيني الرسمي ضعيف.