كيف نفهم، وهم لا يريدون لنا أن نفهم؟ في السياسة في منطقتنا العربية ما لا نفهمه في العلاقة مع دولة (إسرائيل) لأنهم يعمّون على الحقيقة، ولنضرب لذلك مثلًا من الدول المطبعة بالدولة الأردنية، مجرد مثل.
نحن نفهم أن الأردن هو ثاني دولة وقعت اتفاق سلام وتطبيع مع (إسرائيل). ونفهم أن الأردن هو الوصي على المقدسات في القدس بالاتفاق مع رابين، وبتأييد البيت الأبيض.
قبل أيام زار نتنياهو عمان، والتقى الملك الأردني، وقيل في الإعلام العبري أن نتنياهو ناقش مع ملك الأردن عدة ملفات منها: (ملف إنشاء خط سكة حديد من حيفا حتى السعودية مرورًا بالأردن، ومنها ملف الطاقة والمياه بين الطرفين بالشراكة مع الإمارات المتحدة، وهذه من المشاريع العملاقة التي تحتاج إلى التمويل الإماراتي).
إن نقاش هذه الملفات يعني أن علاقة التعاون والتطبيع بين الأردن (وإسرائيل) تسير باتجاه موجب وباضطراد، وأنه لا صحة لما يقال عن أزمة أو فتور بين الأردن (وإسرائيل)، وليس هناك تراجع في العلاقة بين الإمارات (وإسرائيل)، وإن اقتحامات ابن غفير للمسجد الأقصى لم تزرِ بالعلاقات بين هذه الدول.
هذا شيء مما نفهمه، ويمكن أن ندلل عليه من الميدان إذا ما تمت خطوة أولى في هذه المشاريع. أما ما لا نكاد نفهمه أن ملك الأردن طلب من نتنياهو زيادة الموظفين في المسجد الأقصى، وأن نتنياهو رفض ذلك، هذا الخبر يعد قزمًا أمام ملفات التعاون الاقتصادي في المشاريع المذكورة، فضلًا عن التعاون الأمني، لذا نحن لا نكاد نفهمه، ولا نفهم كيف نصرفه، لا سيما حين يصب ابن غفير الزيت على النار فيقول: نحن دولة مستقلة، ولا نقبل وصاية من أحد على المقدسات في القدس. واقتحماتي للمسجد الأقصى ستستمر مع الاحترام للأردن.
كيف لنا أن نفهم ما يبدو متناقضًا ومتضاربًا في العلاقة الأردنية الإسرائيلية، وكذا في علاقة (إسرائيل) مع بقية الدول المطبعة معها. هل سياسات عواصمنا العربية تتعارض مع سياسات دولة الاحتلال بقيادة نتنياهو، أم هي سياسات تتكامل؟ وهل لأنها تتكامل ومفعمة بالنشاط، ولأنها ليست مرغوبة شعبيًّا، تطفو عليها مظاهر للاختلاف الحقيقي في الفرعيات أحيانًا، وتطفو عليها مظاهر أخرى للاختلاف المفتعل إعلاميًّا لأسباب عديدة؟ ومن ثمة نفشل في تمييز الحقيقي عن المفتعل، هذه معادلة غير منصفة في مجال مكاشفة الحكم للشعوب.