أفاد موقع أمريكي، بأن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مارس ضغوطا على رئيس السلطة، محمود عباس، في محاولة لإقناعه بقبول وتنفيذ خطة أمنية تهدف إلى إعادة سيطرة السلطة على مدينتي جنين ونابلس.
ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين رفيعي المستوى، مساء أمس الأربعاء، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، "تبحث عن سبل تهدئة الوضع في الضفة الغربية ومنعها من التدهور إلى انتفاضة ثالثة"، فيما ترى الإدارة الأميركية أن "تراجع السيطرة الأمنية للسلطة الفلسطينية هو سبب رئيسي للتصعيد"، بحسب المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين.
اقرأ أيضاً: قناة عبرية: رئيس السلطة أكد لـ"بلينكن" استمرار التنسيق الأمني مع (إسرائيل)
وشدد بلينكن خلال لقائه مع الرئيس الفلسطيني، عباس، في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، الثلاثاء الماضي، على أنه "من أهم الخطوات التي يتعين على السلطة الفلسطينية اتخاذها من أجل تهدئة الوضع الأمني قبول وتنفيذ خطة أمنية صاغتها الولايات المتحدة" بواسطة المنسق الأمني الأميركي الحالي في القدس المحتلة، الجنرال مايكل فينزل.
يذكر أن خطة "فينزل" "تحدد كيف يمكن لقوات الأمن الفلسطينية استعادة السيطرة على شمالي الضفة الغربية، وخاصة في جنين ونابلس"، وتشمل "تدريب قوة فلسطينية خاصة سيتم نشرها في هذه المناطق شمالي الضفة" لمواجهة المجموعات الفلسطينية المسلحة.
وبحسب التقرير، فإن "فينزل" قدم خطته إلى حكومة الاحتلال والسلطة قبل عدة أسابيع؛ في الوقت الذي صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من عملياته العدوانية على مدينتي نابلس وجنين، كان آخرها العدوان على مخيم جنين، الذي أسفر عن استشهاد 10 فلسطينيين، يوم الخميس الماضي، عشية وصول بلينكن.
وتطرق التقرير إلى أن "عباس" أكد خلال اللقاء أن "ما يحدث اليوم تتحمل مسؤوليته حكومة الاحتلال، بسبب ممارساتها التي تقوض حل الدولتين، وتخالف الاتفاقيات، وأوضح بلينكن معارضة الإدارة الأميركية "أي تحرّك يصعّب حلّ الدولتين".
ونقل التقرير أن الاحتلال "وافق على الخطة الأميركية، لكن الفلسطينيين أبدوا تحفظات كثيرة عليها، أبرزها أنها لا تتضمن أي مطالب من (إسرائيل)، على سبيل المثال، تقليص عمليات الجيش في المنطقة (أ)، إذ قال المسؤولون الفلسطينيون لنظرائهم الأميركيين: لا يمكننا العمل أثناء النهار فيما يقتل الجيش الناس ليلاً".
وذكر التقرير أن المسؤولين الفلسطينيين شددوا على أن "الخطة لا تتماشى مع طريقة عمل أجهزة الأمن الفلسطينية، والتي تقوم أيضًا على المفاوضات وليس فقط عبر استخدام القوة. كما أن الجدول الزمني الذي حدده الأميركيون في إطار تنفيذ الخطة كان قصيرًا جدًا، كما أن الخطة لا تأخذ بعين الاعتبار حاجة السلطة الفلسطينية لحشد دعم الرأي العام الفلسطيني لمثل هذه العملية".
وأشار إلى أن عباس اجتمع مع رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في مصر والأردن ومسؤولين أمنيين من البلدين، الذين طالبوه باتخاذ خطوات لتحسين الوضع الأمني في الضفة الغربية، ونقلوا إليه رسائل مماثلة لتلك التي ناقشها خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي، بلينكن.
اقرأ أيضاً: عضو كونغرس يطالب بلينكن بالضغط على (إسرائيل)
ووفقا لتقرير "أكسيوس"، يأتي ذلك في ظل حالة "الضعف" التي تعاني منها السلطة الفلسطينية في شمالي الضفة، وفقدان أجهزتها الأمنية السيطرة على مدينتي جنين ونابلس، وأشار إلى تآكل الدعم الشعبي للسلطة شمالي الضفة بسبب "تصاعد الأزمة الاقتصادية والفساد الذي ينخر في مؤسساتها وحالة الإحباط" من جراء عدم إحراز أي تقدم يذكر لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك "إطلاق عملية سياسية".
وعزا الموقع تحذير رئيس الشاباك جاء إلى أنه جاء على خلفية سعي نتنياهو لتشكيل حكومة يمينية، يشارك فيها سموتريتش وبن غفير كوزيرين بارزين، ويدعوان إلى تشديد عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة وتسهيل تعليمات إطلاق النار
وبالإضافة إلى الضغط على الرئيس الفلسطيني في ما يتعلق بالخطة الأمنية، أفاد الموقع الأميركي بأن بلينكن حث عبّاس على استئناف التنسيق الأمني مع الاحتلال، الذي أعلنته السلطة الأسبوع الماضي عن تعليقه.
وفي أعقاب عدوان الاحتلال في جنين، الخميس الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية تعليق التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وقالت إنه "لم يعد قائمًا اعتبارًا من الآن"، وذلك عقب اجتماع طارئ ترأسه عباس، عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، التي أسفرت كذلك عن عشرين جريحًا، أربعة منهم في حالة حرجة.
ويدعى الاحتلال الإسرائيلي أنه ينفذ عمليات الاقتحام والمداهة في جنين ونابلس، لاعتقال مقاومين مطلوبين لأجهزته الأمنية، "لأن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تمتنع عن القيام بذلك بنفسها"؛ في حين يقول مسؤولون فلسطينيون إن توغلات الاحتلال تقوض قدرتهم وشرعيتهم في العمل ضد المجموعات المسلحة شمالي الضفة.
وفي جولته التي شملت (إسرائيل) والضفة الغربية المحتلة ومصر، حض بلينكن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على خفض التصعيد. وقال في ختامها، أمس، الثلاثاء، إنه "من المهم اتخاذ خطوات للتخفيف من حدة التصعيد ووقف العنف وتقليل التوترات".
وأعلن بلينكن أن أعضاء من فريقه (باربرا ليف وهادي عمرو) سيبقون في المنطقة لمواصلة النقاشات بهدف اتخاذ "إجراءات ملموسة" من أجل "خفض درجة الغليان، والتشجيع على تعاون أكبر وتعزيز الأمن"، في إشار إلى تعزيز التعاون الأمني مع الاحتلال.
اقرأ أيضاً: بلينكن: بايدن يعارض الضم ويؤيد حل الدولتين وسيجدد الدعم للسلطة
كما قال بلينكن إنه سمع بعض الأفكار حول الخطوات التي يمكن أن يتخذها الجانبان، وإن حدثت، ستساعد في تخفيف التوترات، وقال: "المهمة العاجلة هي خفض التوترات ووقف العنف. على الجانبين تجنب الخطوات التي من شأنها أن تزيد من تأجيج النار".
من جهتها، اعتبرت حركة حماس أن زيارة بلينكن تعكس "الدعم المتواصل" للاحتلال و"تمثل غطاءً لحكومة الاحتلال المتطرفة لتمرير سياستها الإجرامية وعدوانها بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وأسراه".