كل الشواهد تقول: نحن على أعتاب انتفاضة فلسطينية وعربية كبيرة، فالظروف مختلفة هذه المرة، ولا أتحدث عن تجهيزات مادية، بل عن اليأس الفلسطيني والعربي، من استجابة الاحتلال الإسرائيلي لأي تعاون مع العرب ومع المجتمع الدولي، ولن تفلح الوساطات (المريبة) التي تنفذها جهات عربية لخدمة الاحتلال على حساب العرب، بل هذا سبب إضافي للمزيد من التأزيم، والرد على الانحياز الظالم ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية والإسلامية.
لا أستسيغ الحديث العربي عن قوى وجهات وتيارات وحكومة إسرائيلية، كسبب لارتكاب الاحتلال جرائمه دون رادع، لأنه حديث يخدم الكيان المحتل للاستمرار في تجاوزاته وجرائمه تحت غطاء سياسي، ما يضعف موقف العرب، ويأتي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وأهمها حقه بحياة كريمة في بلده فلسطين، التي ما تزال تقبع تحت أطول احتلال، وهو الاحتلال العنصري اليهودي المجرم، الذي ما زال مستمرًا بالرغم من كل العدالات وقوانين البشر.
اليأس العربي والفلسطيني من حدوث أي تقدم على صعيد حل القضية الفلسطينية، لا أعني به يأس النظام السياسي العربي، فهو غائب ويعلم حالة الاغتراب والبعد بين موقفه وموقف كل الشعوب المعنية بفلسطين والعروبة والإسلام والمسيحية، فجميعنا يعلم حجم هذا الانفصام، ويعلم بأنه سبب إضافي لمزيد من اليأس، يأس يزداد خطرًا مع ازدياد جرائم الاحتلال اليهودي، في وقت تعاني فيه الشعوب أزمات ومشاكل اقتصادية كبيرة.
نتنياهو وحكومته، لا نية لديهم بالتعاون مع الأردن ولا مع الفلسطينيين للتفاهم على حلول، ولا حتى لوقف الاعتداءات على المقدسات ولا سيما المسجد الأقصى، ولا لوقف الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ولا يمكن إقناع العرب بالتذرع بتركيبة الحكومة الإسرائيلية ومشاكلها مع الأحزاب والتيارات والوزراء المتطرفين اليهود، وبإمكان العرب وكل من يعد نفسه وصيًّا على العرب أو على الشعب الفلسطيني أن يستخدموا الذريعة نفسها، ويتراجعوا عن الالتزام بالاتفاقيات والتعهدات كما تفعل وتبرر دولة وجيش الاحتلال، ويجري خرقها والتجاوز عنها، بحجة تركيبة المجتمعات والقوى السياسية وغيرها، بل إن العرب معذورون بالتمسك بهذه الذرائع وفرضها على أي طرف آخر يدعم الإرهاب والإجرام اليهوديين.
قبل أيام ارتكب جيش الاحتلال اليهودي جريمة ضد الأبرياء العزل في جنين، وقتل 9 فلسطينيين، منهم أطفال ومسنون وشباب أبرياء، وتسلل إلى موقع الجريمة في مخيم جنين، وفعل فعلته البربرية، وارتقى (إلى الجنة) 9 شهداء أبرياء، واسمهم شهداء بالنسبة لكل المسلمين والعرب والفلسطينيين، وهم كذلك، وفي إثر هذه العملية الارهابية المجرمة التي ارتكبها نتنياهو، جاء الرد من مواطن فلسطيني، تسلل بدوره لمستوطنة، فيها لصوص استولوا على أرض فلسطينية، ويقيمون فيها بطريقة غير قانونية، وكلهم لصوص وجنود في جيش مجرم، وأي شخص منهم هو هدف مشروع بالنسبة للشاب الفلسطيني البطل، ولكل الفلسطينيين الباحثين عن الانتقام وعن حقوقهم بوطنهم وبحياة حرة مستقلة، وهم كذلك بالنسبة لكل الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الحرة فالمجرم الذي يسرق أرض الآخرين، ويقتلهم ويستبيح مقدساتهم ويخنقهم في معيشتهم، هو هدف مشروع، ويجب إخراجه من فلسطين وأراضيها ومقدسات المسلمين والمسيحيين، وهذه قناعة وهي حق لكل فلسطيني وعربي ومسلم ومسيحي، وفي ظل هذه القناعة سيكون الوضع سيئًا على المحتل، ولن ننتظر كثيرًا لنشهد انفجارًا فلسطينيًا وعربيًا مقدسيًا، لكنه سيكون مختلفا هذه المرة، ولن تتمكن كل الجهات من وقفه، في ظل حالة اليأس المسيطرة على الفلسطينيين والعرب بسبب الجرائم اليهودية المستمرة، وبحق الفلسطينيين والعرب والمقدسات الاسلامية والمسيحية، والاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى.
شاهدت فيديو أمس لشباب أردنيين يقدمون الحلوى للمارة في أحد شوارع العاصمة عمان، ابتهاجًا بالعملية التي نفذها بطل فلسطيني وأدت الى مقتل 7 مستوطنين مجرمين إرهابيين يعيشون على أرض فلسطينية مسروقة، وذلك انتقامًا وثأرًا لجدّه الذي قتله مستوطنون حين كان يصلي في المسجد الأقصى، وانتقامًا لشهداء مخيم جنين وانتقامًا وردًا على الاعتداءات اليهودية على المسجد الأقصى، وهذا ليس شعور الشباب الذين قدموا الحلوى فقط، بل هو شعور أكثر من مليارين من المسلمين، وجزء كبير من المسيحيين العرب الأحرار وغيرهم، وهي حقيقة لا يجوز أن نخفيها في صراعنا مع الكيان اليهودي المجرم الذي يحتل فلسطين، ويدنس المقدسات الاسلامية والمسيحية، ويمارس أبشع أنواع العنصرية والإرهاب والقتل والتشريد والتنكيل والسرقة بحق شعب أعزل، ولا يحترم التزامًا قانونيًا أو اتفاقًا.
رحم الله الشهداء والموت لكل محتل عنصري قاتل، ولكل معتد على مقدسات وعقائد البشر.