فلسطين أون لاين

بالصور مجلدات غوشة عن القدس.. جهد مؤسسي أنجزه شخص واحد

...
مجلدات غوشة عن القدس.. جهد مؤسسي أنجزه شخص واحد
غزة/ هدى الدلو:

يُكرس المؤرخ المقدسي محمد هاشم غوشة حياته من أجل تاريخ وتراث القدس، لتبقى حاضرة في كل بيت وفي الضمير الإنساني، إذ تمكن أخيرًا من إطلاق مجموعة غير مسبوقة تليق بالمدينة العتيقة.

تلك المجلدات عمل عليها غوشة وحده منذ عام 2008، لتخرج نهاية العام الماضي إلى النور باللغتَين العربية والإنجليزية، بمجموع صفحات تصل إلى 1100 صفحة، وصفها بأنها "نصر أكاديمي للقدس".

يقول غوشة "50 عامًا" لصحيفة "فلسطين": "بدأت العمل على المجموعة المؤلفة من ثلاثة مجلدات يحمل كل منها عنوانًا مختلفًا، هي: فسيفساء قبة الصخرة المشرفة، وقاشاني القدس، وكنوز المسجد الأقصى المبارك".

تحَف فنية

وتعد الكتب وفق وصف، "غوشة" تحفة فنية تليق بأولى القبلتين، "أنجزت بمواصفات تكفل إعادة بناء أو ترميم كامل المساحات الفسيفسائية في قبة الصخرة المشرفة"، وفق تأكيده.

غوشة (4).jpg
ويعرض المجلد الأول "كنوز المسجد الأقصى المبارك" توثيقًا مصورًا وبحثيًا لكنوز الأقصى الأثرية، بتصوير فائق الدقة والمواصفات، يوثق فيه أبرز ما يحتضنه المسجد من قطع أثرية وتاريخية بديعة، ونقوش حجرية، وزخارف خشبية، وقطع معدنية، إضافة إلى الأختام والوثائق التاريخية والمخطوطات والمباخر والقناديل"، واصفًا كتابه بأنه "متحفيّ من الطراز الأول، وأنّ العمل يدخل في سياق أعمال الفن الإسلامي".

أما المجلد الثاني "قاشاني القدس" فهو توثيق معماري يعد الأول من نوعه لبيوت مقدسية، وقبة الصخرة التي استخدمت البلاط القيشاني، وبلاط الكوتاهية الموجود في كنيسة دير الأرمن بالبلدة القديمة.

ويوضح غوشة أنّ قاشاني القدس (الزخرف العثماني الذي يُزين الجهات الخارجية للأماكن)، هو عمل فني معماري يوثق كل أنماط الزخارف التي زينت وكست قطع بلاطات القاشاني من القرن السادس عشر حتى أواخر العهد العثماني".

غوشة (3).jpg
في حين يعرض المجلد الثالث "فسيفساء قبة الصخرة" توثيقًا معماريًا وتاريخيًا وفوتوغرافيًا شاملًا لجميع المساحة الفسيفسائية لقبة الصخرة المشرفة (1800 متر مربع)، مشيرًا إلى أن الأعمال الفسيفسائية تعود إلى عصور إسلامية عديدة منها العثمانية والأموية والفاطمية وتشمل الجدران والأرضيات والمثمنات الداخلية في قبة الصخرة.

المنهجية التوثيقية

ويعتمد "غوشة" في معظم أعماله على المنهجية الجديدة في البحث العلمي التي تدمج بين المسح الميداني والتوثيقين الأكاديمي والمُصور، بالتوازي مع البحث الأكاديمي والأرشيفات العالمية والمصادر الأولية، إذ اطلع على المراجع باللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية واللاتينية التي تسبق القرن 19، لافتًا كذلك إلى استئناسه بآراء بعض الأكاديميين والمختصين بشؤون القدس.

هذه الأعمال التاريخية للقدس ليست الأولى للمفكر غوشة الذي دوّن اسمه في موسوعة "غينيس" في عمر 15 عامًا، بكتابه "القدس الشامخة عبر التاريخ"، ولديه قرابة 80 مجلدًا عن القدس وفلسطين وحائز على سلسلة من الجوائز العالمية. 

غوشة (2).jpg
 

وهو صاحب أول موسوعة فلسطينية تصدر بالإنجليزية عن تاريخ فلسطين "بلستينكا"، والتي سمّاها بالإنجليزية (Encyclopedia Palestinnica)، وتضم 24 مجلدًا، وهو أكبر عمل توثيقي مصور عن فلسطين، يتألف من 7000 صفحة، و30 ألف توثيق مرسوم ومصور وخرائط ونقوش ووثائق، معظمها مخطوطة أو مطبوعة قبل القرن 19، كما ضمت وثائق ومصادر بأزمان ولغات مختلفة، وقد استغرق منه هذا العمل 12 عامًا من البحث والتوثيق.

وبسؤاله عمّا ساعده في تسخير وقته وجهده لأجل القدس، يشير إلى إتقانه للغتين الإنجليزية والعثمانية القديمة، وقدرته على قراءة الوثائق العثمانية والمملوكية، وكذلك النقوش الحجرية التاريخية، وامتلاكه مهارة الكتابة الأكاديمية والتصوير الفوتوغرافي، والرفع الهندسي المعماري الذي يوثق الحالة الإنشائية للآثار بمقاييس هندسية. 

يمتلك غوشة دار "التراث العربي" للنشر، بدأت أعمالها عام 2021، وتهتم بالدراسات الأكاديمية العلمية التي تتعلق بإصدارات التاريخ والتراث لمدينة القدس وفلسطين بأقلام مؤلفين من جنسيات مختلفة، صدر عنها 15 مؤلفًا في عام من إطلاقها.

تعلق غوشة بالقدس دفعه لاحتواء مكتبة كبيرة في بيته تضم بين جنباتها كل ما يتعلق بفلسطين والقدس، ويقول المؤرخ: إن جلَّ وقته يذهب للبحث والتأليف على حساب الحياة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن بداياته لم تكن مفروشة بالورود، وأن خصوصية البحث في مدينة القدس لا يعادلها شيء.