بن غفير بدأ الهجوم من القمة، بدأ من الأصعب، بدأ باقتحام المسجد الأقصى، أعلى درجات الاستنفار والتوتر والغضب الفلسطيني والعربي، لتكون خطواته العدوانية التالية أسهل، فبعد اقتحام المسجد الأقصى، فإن اقتحام المدن الفلسطينية سيكون أسهل، والتضييق على فلسطيني الـ48 سيكون أمرًا طبيعيًّا، وسيكون تواصل إطلاق النار على الفلسطينيين الأبرياء مبررًا، وكذلك اقتحامه السجون، وتشتيت شمل الهدوء في المعتقلات سيبدو منطقيًّا، ومن ثم فإن إقامة المزيد من المستوطنات، وإلحاقها بالكيان الصهيوني سيكون بلا تكلفة، فطالما تم اقتحام أغلى بقعة أرض لدى المسلمين، وتم تدنسيها، ولم تسقط السماء، ولم ينشق القمر، فكل عدوان سيلي هذه الخطوة الخطيرة، سيحظى برد فعل أقل، وغضب أقل، وحتى بيانات شجب وإدانة بدرجة أقل اقتحام المسجد الأقصى لم يكن قراراً مغامراً لابن غفير، ولم يكن قراراً فردياً، بن غفير جزء من حكومة، ولا يتصرف بعيداً عن رأي ومواقف رئيس الحكومة، الذي اقترح على بن غفير لقاء رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، وأن ينسق معه اقتحام المسجد الأقصى.
فما هو التقدير المدهش الذي قاله رونين بار رئيس جهاز الشاباك لابن غفير:
"معلوماتنا، وتقديراتنا الاستخبارية تؤكد أنه ليس هناك خوف من أي تصعيد في حال قيامك باقتحام المسجد الأقصى، ولكن لا داعي لمثل هذا" الاقتحام.
اقتحام المسجد الأقصى لن تكون خطوة بن غفير الأخيرة، فالذي يرأس حزب العظمة اليهودية، سيلتزم بشعار حزب العظمة الذي يقول: ألف رأس عربي مقابل كل شعرة تسقط من رأس يهودي! والعظمة اليهودية تقول: إن "أرض" (إسرائيل) المزعومة كاملة "ملك خالص لليهود"، وهذا ما ورد في المبادئ الأساسية لحكومة المستوطنين الفاشية العنصرية، التي مسحت وجود الشعب الفلسطيني، وشطبت وجود نصف البلاد العربية، وهي تقول: لنا الحق الحصري في جميع "أرض" (إسرائيل) المزعومة دون جدال.
والسؤال هنا: أين هي "أرض" (إسرائيل)؟ ليأتي الجواب من سفر التكوين: "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات.