بعد أن قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبول طلب فلسطين الحصول على رأي محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الصفة القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في عام ١٩٦٧م بما فيها القدس، ثارت ثائرة حكومة نتنياهو الجديدة، وخرج نتنياهو للإعلام غاضبا يقول: لن نتعامل مع قرار المحكمة، وأضاف: كيف لنا أن نحتل أرضنا؟! يقصد أن القدس والضفة الغربية (أرض إسرائيلية)، وليست فلسطينية! وعليه، فلا صفة قانونية لمحكمة العدل لتقديم فتوى استشارية حولها. هذه أرض (إسرائيل)، وهي حق حصري للشعب اليهودي!
نفهم من قرار الأمم المتحدة وردة فعل نتنياهو أنه قرار مؤلم لدولة (إسرائيل)، وأنه قرار يثير أعصاب نتنياهو وغيره من المسؤولين. وفي المقابل هو قرار جيد للدبلوماسية الفلسطينية، ويقتضي المتابعة والتوظيف، ومواجهة الحملة الإعلامية والدبلوماسية التي قررت حكومة نتنياهو البدء الفوري فيها لتغيير مواقف الدول التي أيدت القرار.
قد تستغرق إجراءات المحكمة سنتين، وهي مدة تفيد نتنياهو في تحركاته، لذا يجدر وضع خطة فلسطينية عربية لحرمانه الاستفادة من هذه المدة، وهذا يتطلب أيضًا نقاشًا من مجتمع المثقفين والسياسيين الفلسطينيين لإسناد العمل الرسمي. ويجدر التركيز على الحكومة البريطانية التي عارضت القرار، في إضافة غير متوقعة لسجلها الإجرامي ضد الفلسطينيين منذ وعد بلفور.
نعم، من المتوقع أن يصف قرار محكمة العدل القدس والضفة وغزة أنها أراضٍ فلسطينية تحت الاحتلال منذ عام ١٩٦٧م، بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ولكن لا يجب أن نركن نحن الفلسطينيين لهذه النتيجة، بل علينا أن نعمل وكأنه ثمة احتمال لقرار معاكس. ومن الأعمال غير الدبلوماسية ذات التأثير الكبير زيادة أعمال المقاومة بأشكالها المختلفة، ولا سيما في الضفة والقدس. هذه الزيادة من شأنها أن تفضح الاحتلال، وتؤثر في قرار محكمة العدل. كما يجدر التحرك نحو العواصم العربية، وبالذات الخليجية، لتعليق اتفاقيات التطبيع، ونحو عمان والمملكة لثنيهما عن التطبيع مع دولة الاحتلال.
الرأي القانوني للمحكمة مهم، ولكنه وحده لا يكفي، خاصة أن حكومة نتنياهو لن تتعامل مع المحكمة، وهو بطبيعته غير ملزم، لذا يجب على كل الفلسطينيين الانخراط المدروس في أعمال تجعل للقرار قيمة وفائدة عملية.