أما وقد بدأت حكومة الاحتلال الجديدة في ممارسة مهامها، فقد بدا واضحًا أن غالبية الناخبين الذين صوّتوا لهذه الجوقة الفاشية، يتوقعون تغييرات بعيدة المدى بالضفة الغربية، تجاه جملة من القضايا، ولا سيما البؤر الاستيطانية غير القانونية، وكل الاستيطان غير قانوني وغير شرعي، وهو ما يتعلق بإجراء مسح للأراضي لأكثر من 60 بؤرة استيطانية.
من الواضح أن الحكومة الجديدة تدرك أنها أمام عملية معقدة، تستغرق عدة أشهر عبر سنّ عدد من القوانين للاستفادة من شرعنة تلك البؤر، لكن الصعوبة التي تواجهها هي الساحة الدولية، وتحديدًا الإدارة الأمريكية، بعد الإعلان الصريح للرئيس جو بايدن بأنه سيعارض أي خطوة قد تعرض حل الدولتين للخطر.
مسألة أخرى تتعلق بإلغاء قانون فك الارتباط، أو الانسحاب من غزة، والمقصود به تحويل الاستيطان في مستوطنات شمال الضفة لتصبح قانونية، مع أنه في غضون أسابيع قليلة، سيُطلب من الحكومة الرد على المحكمة العليا فيما يتعلق بمستوطنة "حومش" بعد أن قالت الحكومة السابقة أنه يجب إخلاؤها، استكمالًا لقانون فك الارتباط منذ سبعة عشر عامًا.
التحدي الثالث هو تنفيذ خطة مستوطنة "أفيتار"، بعد أن وقعت الحكومة السابقة اتفاقية مع المستوطنين بشأنها، وبالفعل، أُخلي المستوطنون إخلاء مستقلًا، لكن انتهكت لاحقًا.
أما المسألة الرابعة، ولعلها الأخطر، فهي الحملة الحكومية المتوقعة على المنطقة "ج"، إذ أن عددًا قياسيًا من الوزراء مقيمون بمستوطنات الضفة الغربية، ويدعون أن البناء الفلسطيني بهذه المناطق يهدف إلى الترويج لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولذلك فهم ينوون تشديد الرقابة على ما يصفونه "البناء غير القانوني" فيها تجاه جانب واحد فقط.
أكثر من ذلك، فإن بيتسلئيل سموتريتش، الذي أصبح وزيرًا لوزارة الحرب، يجهز مجموعة محامين لهذا الغرض، ويرافقه مديرون ومفتشون لفرض مزيد من القيود على البناء الفلسطيني بصرامة أكبر، أما بما يتعلق بقضية البناء في المستوطنات، فسيحاول دون تأخير وعرقلة استصدار المزيد من تصاريح البناء في لجنة التخطيط الأعلى، وهو إجراء لا يتطلب موافقات سياسية عاجلة.
خلاصة القول في السياسة الإسرائيلية القادمة تجاه الضفة الغربية ذلك التغيير المحتمل بطريقة عمل الإدارة المدنية فيما يتعلق بالمستوطنين في قضايا التعليم، والرفاهية، والمواصلات، والبنية التحتية، والزراعة، والثقافة، وفي الوقت ذاته قد يتعين عليها التعامل مع الوضع الأمني في الضفة الغربية.
أكثر من ذلك، فإن الضفة الغربية ستكون في عين عاصفة الحكومة الجديدة عندما يُتوقع تقليص الحوار مع السلطة الفلسطينية تقليصًا كبيرًا، مرورًا بزيادة في اشتباكات جيش الاحتلال والمقاومين في نابلس وجنين، وامتدادها في أكثر من مرة لبقية المحاور، وازدياد عدد عمليات إطلاق النار ازديادًا ملحوظًا.