فلسطين أون لاين

الفتوى القانونية لا تغني عن المواجهة الميدانية

قلة الإنجازات وسجن القدرات جعلت قيادة السلطة تهلل وتكبر لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية على قرار يطالب من محكمة العدل الدولية بإصدار فتوى قانونية حول ماهية الاحتلال الإسرائيلي.

لن أقلل من شأن أي قرار يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، فكل لعنة أو صفعة على صدغ المحتلين، هي نشوة للشعب الفلسطيني، ولكن التعظيم من شأن بعض قرارات الأمم المتحدة فيه استخفاف بقدرات الشعب الفلسطيني، الذي يدرك بالتجربة أن هناك ألف قرار قد صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكلها تصب لصالح القضية الفلسطينية، ولكن أي من هذه القرارات لم يُطبق.

القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم يصوت لصالحه إلا 87 دولة، وهذا تراجع كبير في التأييد للقضية الفلسطينية، والقرار المذكور عارضته 26 دولة، وهذا لا يعد نجاحًا للدبلوماسية الفلسطينية، كما صرح بذلك قادة السلطة الفلسطينية، والأكثر دهشة أن 53 دولة امتنعت عن التصويت.

وبمقارنة بسيطة بين القرار الأخير الصادر عن الجمعية العامة نهاية سنة 2022، وقرار صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2004، نكتشف الآتي:

بتاريخ 6 مايو 2004 لم تطلب الجمعية العامة فتوى بشأن الاحتلال، بل أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن وضع الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها شرقي القدس، لا يزال وضع الاحتلال العسكري، وأن (إسرائيل) لا تملك إلا واجبات والتزامات السلطة القائمة بالاحتلال، بموجب اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين واتفاقية لاهاي.

وعلاوة على ذلك، أعيد تأكيد أن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير وفي السيادة على أرضه. وأعربت الجمعية العامة عن تصميمها على الإسهام في تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. كما أعربت عن أنه ينبغي أن تسفر التسوية في الشرق الأوسط عن "دولتين، على أساس حدود ما قبل عام 1967".

أعادت الديباجة تأكيد مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، والحاجة إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة السيادة وتحقيق الاستقلال في دولته، فلسطين.

ذلك القرار رقم 58/292 الصادر سنة 2004 اعتمد بأغلبية 140 صوتًا مؤيدًا، خلافًا لقرار اليوم الذي أيده 87 دولة فقط.

القرار الصادر سنة 2004، لم يمتنع عن التصويت عليه إلا 11 عضوًا فقط، على حين امتنع عن التصويت على قرار اليوم 26 دولة.

القرار الصادر سنة 2004، اعترضت عليه (إسرائيل) وأمريكا وثلاث دول لا قيمة لها، على حين اعترض على قرار اليوم 53 دولة، وهذا أمر مفزع دبلوماسيًا. 

فهل أدرك الفلسطينيون حجم خسارتهم الدبلوماسية في غضون 18 عامًا؟ وهل أدركوا السبب؟

نعم، القرار 58/292 صدر في عز انتفاضة الأقصى، على حين قرار الفتوى القانونية صدر في غياب الفعل الميداني، الفعل القادر على قلب المعادلة على الأرض لصالح الشعب الفلسطيني.