يقولون في المثل: "ذيل الكلب أعوج" عن كل من ادعى الاعتدال بينما هو باقٍ على اعوجاجه. هذا المعنى ينطبق في السياسة على قادة البيت الأبيض في أمريكا. أقصد على بايدن ومساعديه من الحزب الديمقراطي، وذلك أن الرئيس بايدن هنأ نتنياهو بتشكيل حكومته الجديدة، وقال: إنه يتطلع للعمل معها، في إطار من الديمقراطية، وحلّ الدولتين. وهذا المعنى عبّر عنه بلينكن وزير خارجية أمريكا بألفاظ قريبة، تقول: بمنع الأعمال الأحادية التي تمنع قيام حلّ الدولتين، مع المحافظة على القيم المشتركة مع (إسرائيل) والديمقراطية وحماية أمنها.
هذه التصريحات تستهدف تبيان موقف مستقيم للبيت الأبيض، بينما الواقع العملي يقول إنه لا يوجد استقامة، بل الموجود هو الاعوجاج الذي لا يكاد يفارق البيت الأبيض البتة، كما لا يفارق الاعوجاج ذيل الكلب.
اقرأ أيضًا: حكومة نتنياهو لن تطول
حكومة نتنياهو تقوم على تدمير حلّ الدولتين، والشركاء في الحكومة الجديدة متفقون على ذلك. الحكومة تقوم على تشجيع الاستيطان، وعلى الضم، أي لا دولة فلسطينية مستقلة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تقوم الحكومة على حالة عنصرية تمنع المساواة بين سكان الدولة، وتتهم العرب فيها بالإرهاب، وتهددهم بمصادرة حقوق في الجنسية والإقامة.
هذا الاعوجاج الكبير من العنصرية والاستيطان، رأته وأحست به جيدًا سفيرة (إسرائيل) في فرنسا (ياعيل جيرمان) فقدمت استقالتها من منصبها، وكان يمكن لبايدن ومساعديه أن يروا وأن يحسوا بهذا الاعوجاج لو كان لهم ضمير مثل ضمير (جيرمان) على الأقل وهي إسرائيلية، ولكن الكلب لا يحس بعوج ذيله، ثم يختفي البيت الأبيض خلف تصاريح إعلامية لا مصداقية لها في الواقع، كما يختفي من يرى الذئب بأمّ عينيه ولكن يذهب ليقص الأثر، أنت ترى الذئب فما حاجتك لقص الأثر؟!
اقرأ أيضًا: تشبيه إسرائيلي لسياسة الاحتلال بمذابح النازيين
نتنياهو يريد التعامل مع حكومة بايدن والبيت الأبيض ولكن في نقطتين غير ما ورد في كلام بايدن والبيت الأبيض: الأولى: النووي الإيراني. والثانية: التطبيع مع السعودية. أي إن سياسة نتنياهو لا تلتفت لتصريحات بايدن ومساعديه فيما يتعلق بحل الدولتين والديمقراطية. نتنياهو يسحب البيت الأبيض إلى وادٍ يتفق عليه الطرفان، وكأنه لا علاقة له بما يصرح به البيت الأبيض. ولأن البيت الأبيض مدمن اعوجاج فسيكون نتنياهو ضيفًا على البيت الأبيض في مارس أو زمن قريب منه. لا تصدقوا أمريكا، فهل يستقيم ذيل الكلب إذا وضع في قالب؟!