فلسطين أون لاين

من الاحتلال وتداعياته على المجتمع

تقرير المرأة الفلسطينية.. كفاح بحثًا عن الأمان

...
المرأة الفلسطينية.. كفاح بحثًا عن الأمان
رام الله - غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يكن عام 2022م مختلفًا عن الأعوام السابقة التي شهدتها المرأة الفلسطينية؛ بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، والأوضاع المجتمعية التي تمرُّ بها، فهي كثيرًا ما تتعرض لمعاناة فقدان الأمن والخوف على حياتها وحياة أبنائها.

ففي الضفة الغربية التي شهدت ارتقاء العشرات من الشهداء في العام الحالي، بجانب اعتقال الاحتلال الإسرائيلي آلاف المواطنين، لم تكن النساء مستثنيات من هذا الاستهداف، استهدافًا مباشرًا أو غير مباشر.

الناشطة المجتمعية فادية البرغوثي، تُبين أن الأوضاع الساخنة في الضفة الغربية جعلت من بحث المرأة عن حقوقها المجتمعية والمادية ليس من الأولويات بالنسبة لها.

وشرحت بالقول: "المرأة في هذا العام تعرضت للاغتيال، والاعتقال، وهدم المنازل، والتنكيل على حواجز الاحتلال، وفقدان الأبناء والأزواج".

ومن بين 224 شهيدًا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ارتقوا في عام 2022م، بلغت حصيلة النساء 13 شهيدة أبرزهنَّ الصحفية شيرين أبو عاقلة، والأسيرة سعدية مطر، وفق توثيق مراكز حقوقية.

وتفيد معطيات نادي الأسير، بتسجيل نحو 6 آلاف حالة اعتقال في عام 2022، منها 141 امرأة وشابة فلسطينية.

ولا تقتصر معاناة المرأة بالضفة على إجراءات الاحتلال تجاهها، بل إن بعضًا منهن "من يمثلن اتجاهات سياسية معارضة للسلطة" يتعرضن لتضييق أجهزة أمن الأخيرة من استدعاءات، واعتقالات، وتهديدات، وتنكيل بأسرهن، بجانب استهدافهنَّ مالياً ووظيفياً (الفصل من الوظيفة بناء على الانتماء)".

فقدان الأمان

ورأت البرغوثي أن هذه الانتهاكات جعلت من الصعب على المرأة التي تفتقد للأمان في بيتها، وفي أثناء تنقلها بالخارج أنْ تبحث عن أي حقوق أو تفكر بتعديل القوانين الخاصة بها.

وتابعت القول: "أصبح همّ المرأة الفلسطينية وشغلها الشاغل هو البحث عن الأمان، والحد الأدنى من العيشة الآمنة والكريمة لها ولعائلتها، فالتحديات والهموم شغلت بال المرأة الفلسطينية وأثقلت كاهلها".

أما في قطاع غزة الذي يرزح تحت حصار إسرائيلي دخل في عامه السادس عشر فإن وضع المرأة الفلسطينية لم يكن بأفضل من نظيرتها في الضفة الغربية مع بعض الأريحية بسبب عدم وجود احتلال مباشر على الأرض.

وعملت وزارة شؤون المرأة بغزة العام الماضي بالتعاون مع المؤسسات النسوية المختلفة على تحسين وضع النساء بغزة، وفق مديرة دائرة الرقابة الداخلية والشكاوى بالوزارة وفاء أبو ميري في عدة أنشطة كان منها حملة "16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة".

وتبين أبو ميري أن المرأة الفلسطينية عانت في عام 2022 معاناة كبيرة، في العدوان الإسرائيلي على غزة في أغسطس/ آب الماضي، الذي أودى بحياة ثماني شهيدات، بجانب المعاناة المستمرة بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة.

تعنيف المرأة

وعلى الصعيد الداخلي، لا تزال المرأة الفلسطينية تبحث عن الحماية من العنف المتزايد، إذ تلفت إلى أن المرأة الفلسطينية تتعرض لنوعيْن من العنف، الأول: اجتماعي، والثاني: وطني بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي هو أساس للعنف الاقتصادي والاجتماعي.

ووفق معطيات وزارة شؤون المرأة فإن نسبة النساء اللواتي سبق لهنَّ الزواج وتعرضن للعنف الأسري لمرة واحدة على الأقل بلغ 37%، مشيرة إلى أن 29% من النساء الفلسطينيات يتعرضن لشكل من أشكال العنف.

وتلفت المعطيات المدعومة ببيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن العنف النفسي أكثر أنواع العنف انتشارًا بواقع 58.5%، في حين أن المكان الأول للتعرض للعنف هو البيت يليه مكان العمل.

وتحدثت أبو ميري عن أنواع العنف المنتشرة منها "العنف الاقتصادي" ويتعلق بحقوق المرأة المالية: بالحرمان من الميراث، وبطء إجراء تحصيل حقوقها المالية ومنها النفقة، وغياب النصوص القانونية في بعض القضايا، وغيرها.

وتقول مديرة دائرة الرقابة الداخلية بوزارة شؤون المرأة: إن الوزارة تعمل بعدة اتجاهات لمكافحة العنف، وهي تفعيل المقاضاة الدولية للاحتلال على جرائمه بحق النساء، وإنشاء منظومة حماية اجتماعية للنساء المعنَّفات، بمشاركة المؤسسات المختصة.

وتعمل الوزارة، وفق أبو ميري، على توعية النساء بحقوقهن في مبادرات توعوية بالشراكة مع وزارات: التعليم والداخلية والأوقاف، "نركز على تفعيل دور الشرطة المجتمعية لما لها من أهمية في حل العديد من القضايا الاجتماعية والعنف الذي تتعرض له المرأة".

تعديلات قانونية

وتشير إلى استمرار مساعٍ قانونية لرفع سن حضانة المرأة المُطلقة لأطفالها، وتعديل قانون الصلح الجزائي بتعديل بند يقضي بأنه إذا كان ولي الدم هو من نفذ جريمة القتل ضد المرأة فإنه لا يُعاقب على جريمته.

وتؤكد أبو ميري أن رفع سن الحضانة فيه مصلحة مشتركة للأم والطفل، وتعديل قانون الصلح الجزائي الذي يضمن الحد من العنف الممارس ضد النساء، وتقليل جرائم القتل بحقهن.

وتلفت إلى أن الوزارة قادت عدة مبادرات لتقديم الدعم النفسي والتمكين الاقتصادي للنساء الفلسطينيات في هذا العام خاصة الفئات الهشة، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل بالشراكة مع كل المؤسسات ذات العلاقة، طالما أن رؤيتها لا تخالف الشريعة والقانون وبما فيه مصلحة للمرأة الفلسطينية.

وتشكل المرأة نحو 49% من المجتمع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وترأس النساء حوالي 11% من الأسر الفلسطينية، وفق معطيات الإحصاء المنشورة في مارس/آذار 2022.