فلسطين أون لاين

اقتحام المستوطنين الأقصى من باب الأسباط.. ما هي خطورة هذه الخطوة؟

...

اقتحم المستوطنون أمس الأربعاء، في رابع أيام ما يسمى عيد "الحانوكاه" العبري، المسجد الأقصى من باب المغاربة، وخرجوا من باب السلسلة، تحت حماية قوات الاحتلال بمنأى عن بقية أبواب المسجد.

يُعدُّ هذا السلوك انتهاكًا خطيرًا تكرَّر للمرة الثالثة خلال عام، بعد ما قرّر المستوطنون اقتحام باب الأسباط شمالي سور الأقصى، حيث خرجوا منه بعد اقتحامهم مرتين، واقتحموا منه مرة.

واقتحم المستوطنون باب الأسباط في 28 أغسطس/آب الماضي، وخرجوا منه في ما يزعمونه أنها ذكرى خراب الهيكل في السابع من ذات الشهر (أغسطس/آب).

أتت هذه الاقتحامات بعد دعوات أطلقتها جماعات الهيكل إلى الاقتحام رسميًّا من باب الأسباط واتخاذه بديلًا أو رديفًا لباب المغاربة، حيث يزدحم الأخير بآلاف المستوطنين في الأعياد التلمودية، إضافة إلى حاجة جسر باب المغاربة للترميم، حسب زعمهم.

يقول الباحث المقدسي فراس ياغي "للقسطل"، إنّ قيام مجموعات المستوطنين بقيادة زعيم حزب القوة اليهودية "عوتسما يهوديت" عضو الكنيست إيتمار بن غفير وأعضاء آخرين حزبه باقتحام باحات المسجد يُنذرُ بما هو قادم ومخطط له بما يتعلق بالأقصى وباحاته وبالذات لمفهوم التقسيم المكاني.

بداية الخطوات العملية

كما أكد ياغي أنّ هذه المرة قاموا باقتحام باحات المسجد الأقصى من باب الأسباط أيضًا وليس من باب المغاربة فقط، ليُوضّحوا نواياهم الحقيقية بأنّ كلَّ الأبواب مُتاحة لهم وأنها لا تقتصر على باب المغاربة، وذلك مقدمة للضغط باتجاه تقسيم الأقصى مكانيًّا كخطوة أولى قبل هدمه وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.

وأشار إلى أنّ استخدام باب الأسباط في الاقتحام يُعزّز نظرية أنهم سيطرحوا في المستقبل القريب، في ظل الحكومة الجديدة، موضوع التقسيم المكاني للمسجد وباحاته وأبوابه.

وقال إنهم بهذا الاقتحام يطرحون فكرة التفاوض على كيفية استخدام الأبواب المؤدية لباحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمسجد المرواني المستهدف بشكل مباشر.

لكنّ الباحث المقدسي فخري أبو دياب قال في حديثه مع "القسطل"، إنّ انتهاكات المستوطنين تجاه المسجد الأقصى ما زالت مستمرة، خاصة مع أيام عيد "الحانوكاه" حيث يستفزون مشاعر الفلسطينيين والمسلمين بانتهاكاتهم، ونتيجة لصعود اليمين المتطرف في دولة الاحتلال، ومع تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام المقبلة القادمة، سيكون لدى المستوطنين قوة إضافية لزيادة اعتداءاتهم على المسجد الأقصى وهذا يتضح بما قاموا به من أداء سجود ملحمي وطقوس تلمودية أخرى، وسيكون هناك فرض مزيد من الطقوس التلمودية على المسجد الأقصى.

وتابع في حديثه أنه ربما ما يحدث الآن من انتهاكات المستوطنين في المسجد الأقصى هو بالونات اختبار وجسُّ نبض لما سيحدث في الفترة القادمة، حيث أنّ المسجد الأقصى المبارك سيكون على موعد مع مزيد من الضغط والانتهاكات مع وصول الحكومة الجديدة التي تحمل نفس أفكار المستوطنين المتطرفين وما يسمى جماعات الهيكل التي تسعى لتقسيم المسجد الأقصى وفرض مزيد من الوقائع التهويدية عليه، لذلك تستخدمهم مؤسسات دولة الاحتلال الرسمية كأدوات لمعرفة ردة الفعل الفلسطينية والإسلامية.

يُشار إلى أنّ الحاخامية الرسمية بالتعاون مع ما يسمى "صندوق تراث الحائط الغربي"، وبلدية الاحتلال في القدس، نصبت شمعدان الاحتفال المركزي في ساحة البراق غرب الأقصى، وأعلنت أنّ إشعال الشمعدان يتم كل يوم طيلة أيام ما يسمى عيد الأنوار.

مفترق طرق

واعتبر الباحث ياغي أنّ ما حدث ويحدث في الأماكن المقدسة للمسلمين حصرًا هو تعبير عن محاولة لاستغلال الظرف السياسي الفلسطيني السيء والمتشرذم، والإقليمي المستكين الذي لا حول ولا قوة له، والدولي الملتفت للحرب في أوروبا "روسيا- أوكرانيا" وتعاظم دور الصين، وبما أنهم تقريبًا فرضوا مفهوم التقسيم الزماني بحماية شرطة الاحتلال، فالوقت جاء للتقسيم المكاني للمسجد الأقصى وباحاته.

هذه السياسات والتوجُّهات الواضحة بحاجة لخطة فلسطينية تستند لها الجماهير الفلسطينية وتتبناها جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي والمجتمع الأهلي ويكون عنوانها التصدي لهذه المخططات عبر تفعيل كل ما يلزم من مقاومة بكافة أشكالها، فالأقصى وساحاته يجب أن يكون الخط الأحمر وتجاوزه سيُفجّر كل شيء، وأيضًا التنسيق مع الأشقاء الأردنيين بهذا الخصوص للذهاب معًا للعرب والمسلمين والعالم، والاتفاق على وقف كلّ أشكال التطبيع وإلغاء كلّ معاهدات السلام في حالة المس بالأماكن المقدسة واستمرار عمليات الاقتحام، يُضيف ياغي.

وشدّد على أنه دون خطوات عملية واضحة وتحذيرات فلسطينية وعربية مدروسة ومتفق عليها، ودون رفع السقف في مواجهة عربدة المستوطنين واليمين الصهيوني الديني الفاشي والعنصري، فسوف تستمر وتتوسع الاقتحامات وسيتم تفعيل التقسيم المكاني بالتدريج.

وأكد أبو دياب أنّ المسجد الأقصى الآن هو على مفترق طرق بما يُفرض عليه من وقائع تهويدية وطقوسًا تلمودية وما يحدث الآن هو استنساخ لما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل وأظنُّ أنه يجب على الحكومة الأردنية صاحبة الوصاية على المسجد الأقصى وكذلك المؤسسات الرسمية الفلسطينية أن تتحمل مسؤوليتها كاملة تجاه المسجد الأقصى، قبل أن نرى تغييرًا كاملًا في واقعه الحالي وسحب الصلاحيات من الأوقاف الفلسطينية وتفريغ الوصاية الأردنية من مهامها، لذلك الأيام القادمة قاتمة إذا لم يحدث تحرك جدّي وحقيقي إزاء ما يجري الآن.

وتأتي اقتحامات المستوطنين المتكررة ضمن محاولات الاحتلال، لفرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى.

ويقتحم جيش الاحتلال المسجد الأقصى قبيل اقتحامات المستوطنين، ويحاول إفراغ المصلين والمقدسيين منه، ويُصدرُ قرارات إبعاد بحقّ المرابطين، لتسهيل تنفيذ المخططات الاستيطانية.

المصدر / القسطل