فلسطين أون لاين

تقرير "قريشي" في مواجهة "أليشع".. معركة صمود تتحدى الاستيطان بالأغوار

...
صورة أرشيفية
أريحا-غزة/ أدهم الشريف:

فرض التوتر نفسه بقوة على عامر قريشي (50 عامًا)، وقد وقف يشاهد آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي وهي تهدم منزله في الأغوار شمال شرق الضفة الغربية المحتلة، وقلبه يعتصر ألمًا وحسرةً.

وتجمعت صباح أمس، عدة آليات عسكرية لجيش الاحتلال تحيط بها قوات مدججة بالأسلحة، داهمت منطقة المنطار شرق أريحا، على حين غرَّة وبدأت في تنفيذ قرار الهدم.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يقمع مسيرة منددة بالاستيطان في الأغوار الشمالية

ومنزل قريشي المكون من طابقيْن مساحة كل واحد منهما 200 متر مربع، يقع في منطقة تخضع للأطماع الإسرائيلية، إذ يتطلع الاحتلال ومستوطنوه إلى تنفيذ سلسلة مشاريع توسعية، لا سيما في بؤرة "أليشع" الاستيطانية.

وقال قريشي لصحيفة "فلسطين": إن هذه البؤرة سببت مشاكل عديدة لسكان منطقة المنطار.

ويسيطر الاحتلال على مساحة واسعة من الأراضي المحيطة بمنطقة المنطار، حيث الأغوار التي يطمع لإقامة المزيد من مشاريع التوسع الاستيطاني فيها، بهدف ضمها مع أجزاء واسعة من الضفة الغربية إلى كيانه.

ويقيم قريشي شرق أريحا منذ ولادته، إذ إن أجداده كانوا يعيشون هناك منذ زمن طويل، وهو يملك أرضًا مساحتها 700 متر مربع، أنشأ عليها منزله الذي كان يؤويه وزوجته وأبناءه وبناته الأربع.

وتلقى قريشي إخطارًا بهدم منزله في الأشهر القليلة الماضية، ولم يقف مكتوف الأيدي أمام ذلك، وسعى إلى جميع الجهات المسؤولة عن منح تراخيص البناء، والتزم الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال، لكن رغم ذلك لم تتركه وقررت هدم منزله.

وبينما بدا قريشي غاضبًا من انتهاكات وجرائم الاحتلال والمستوطنين والتي طالت منزله هذه المرة، أكد أنه مهما تصاعدت هذه الجرائم فلن تدفعه مطلقًا إلى ترك أرضه للاستيطان.

قريشي لا يعد المواطن الفلسطيني الوحيد الذي تلقى إخطارًا بالهدم، إذ إن الاحتلال أخطر 67 منزلًا تؤوي أكثر من 1200 نسمة في منطقة المنطار.

ويأتي ذلك ضمن خطط الاحتلال الاستيطانية في الأغوار الشمالية، وتبلغ مساحتها قرابة 240 ألف دونم، وتضم 23 تجمعًا سكانيًا، ما بين مدينة، وبلدة، وقرية، ومخيم، وتجمعات بدوية.

اقرأ أيضاً: قاسم: مضاعفة الاستيطان في الأغوار استهداف للوجود الفلسطيني

وتفيد معطيات رسمية بأن الاستيطان في الأغوار الشمالية بدأ منذ احتلال الضفة الغربية بالكامل سنة 1967، وذلك بسبب قربها من الحدود الأردنية، ولخصوبة أراضيها، ووفرة مياهها، وقربها من مدينة بيسان المحتلة سنة 1948، وأقيمت أولى المستوطنات سنة 1968، وهي مستوطنة "ميخولا" الزراعية.

وتبع ذلك تصاعد كبير في البناء الاستيطاني وهدم البيوت والمنشآت الفلسطينية، حيث هدم الاحتلال الآلاف منها.

وعدَّ الناشط ضد الاستيطان في الأغوار أيمن غريب، ما يحدث على الأرض في أريحا والأغوار ترجمةٌ ميدانية لثقافة الاحتلال وجيشه والمستوطنين.

وبيَّن غريب لـ"فلسطين" أن قوات الاحتلال عندما جاءت لهدم منزل قريشي رافقها مهندسون ومهندسات لإعطاء تعليمات لآليات الجيش حول كيفية الهدم.

ورجح أن سلوك الاحتلال هذا أظهره وكأن لديه مساقًا في جامعاته خاصًا بممارسة عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية، معبّرًا عن رفضه وإدانته الشديدَين لجرائم الهدم والتشريد، وعدم إمكانية القبول بفكرة التعايش مع الاحتلال.

وأشار إلى عمليات تصوير منشآت وتسليم إخطارات جديدة في منطقة رأس الأحمر بالأغوار تزامنًا مع غياب كامل للتضامن مع الأهالي هناك، مشددًا على ضرورة تعزيز صمودهم.

ومقابل ما يتعرض المواطن الفلسطيني في الأغوار، فإن المستوطنين لديهم الحرية الكاملة في إنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية والاعتداء على ممتلكات المواطنين بحماية كاملة من جيش الاحتلال، وكل هذا نتيجة لاتفاق "أوسلو" الذي أبرمته منظمة التحرير مع الاحتلال في سبتمبر/ أيلول 1993، كما يقول غريب.

وكانت مطامع الاحتلال بالأغوار والضفة الغربية وضمها لكيانه، تجلت خلال فترة ولاية الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، الذي زعم بأن القدس عاصمة للاحتلال، وشن حربًا على قضية اللاجئين، واستهدف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

لكن كل هذه الضغوطات لم تدفع الشعب الفلسطيني إلى التنازل والتسليم أمام قرارات الاحتلال وأمريكا والغرب وممارساتهم، ومع توالي الإدارات الأمريكية وحكومات الاحتلال يبدو أن الفلسطينيين أكثر تمسكًا بحقهم في دولة مستقلة، عاصمتها القدس الشريف.