فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَراتِ﴾                                                             البقرة155

"الناس شركاء في الكلأ" وهي نعمة من الله تعالى {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} (قريش 4).
غزة قبل المحرقة كانت توفر السلع الغذائية من كل الأشكال والأنواع بأسعار ملائمة، مع تزايد الإنتاج المحلي خاصة من المزروعات، مثل الخضار وبعض الفواكه. وانتشرت الأسواق الغذائية، و"المول" كان أحد الأمثلة على هذه الأسواق بتنافسها في المساحة والحداثة والسعة والتنوع في السلع والتسويق. وقد استخدم التجار السوشال ميديا بمهارات لعرض منتجاتهم. {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (إبراهيم 34).

لكن في محرقة غزة، لم يعد يجد الناس حتى شربة ماء. فتضطر العائلات للشراء، وستكون محظوظًا إن وجدته ليس بعيدًا. وإذا لم تجد، عليك قطع شوط طويل من السير والانتظار في طابور ممتد للحصول على بضع لترات لن تفي عائلتك لبضع ساعات. وفي حالة فقدان المعيل، يتحمل أحد أطفال العائلة أو الأم المسؤولية. وهذا يحدث يوميًا، عدا عن الحصول على مياه الاستخدام. محظوظ من يستطيع الحصول عليها، والأكثر حظًا من يستطيع أن ينال حمام ماء ولو بالقليل بعد يوم شاق. {قَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد 4).

وفيما يتعلق بمكابدة الجوع، على الشخص الالتزام بوجبة واحدة يوميًا إن تيسر ذلك. وقد يمكث أيامًا بدون طعام، ومع انتشار تقديم الصدقات لأهل غزة غالبًا من أقاربهم في الخارج، نشأت تكيات وسط خيام النزوح. وعلى الأطفال أو الزوجة الانتظار لساعات من أجل طبق حساء يسد رمق جوع الأطفال.
ويجب على الجميع أن يزاحموا الآلاف وربما يخاطرون بحياتهم في مطاردة المساعدات الغذائية القادمة عبر البر أو الجو. فالمساعدات شحيحة في ظل حاجة ماسة. وفي كل ذلك، أصبح أطفالنا رجالًا يتحملون مسؤولية عوائلهم، فضلاً عن الانتقام ثأرًا لأهلهم بما يجري بحقهم من إبادة، بالإضافة إلى مسؤولياتهم في تحرير أرضهم.

وفي محرقة غزة المستمرة، دمرت عصابات الإبادة جميع الأسواق ومنعت كافة أشكال الغذاء. وأخضع شعبنا وأهلنا لحصار مطبق، وما زالت المجاعة مستمرة. حتى أن الأطفال الكبار لم يعرفوا أنواع الفواكه أو الخضار أو اللحوم. وكان طعامهم الضرورات، حتى كانت مجاعة لم نجد فيها ما نقتاته إلا علف الحيوانات وحشائش الأرض. كما ارتكب الاحتلال مجازر الطحين لقتل الباحثين عن كسرة خبز لأطفالهم، واستخدم عصابات من السارقين لقطع طرق شاحنات المساعدات وإثارة الفوضى باستمرار.

ورغم كل ذلك، انتصر شعبنا العظيم في شمال غزة، بعد أن ربطوا على بطونهم حجارة وعضوا على جراحهم في مواجهة قتلة الأطفال.
أما في خيمة النزوح، أو قطعة القماش مع ما تيسر من أخشاب، عليك تدبر نفسك بنفسك. وقد تدفع مقابلها مبلغًا وقدره وأنت المهجر من بيتك قسريًا. ومن أخرجك الاحتلال وعصابات الإبادة قانونًا هو المسؤول عن الإيواء وتوفير الأمن والمأكل لشعبنا الخاضع للاحتلال.

لقد مضى سنة ونصف عسرة على أهل غزة المهجرين في ما يمكن تسميته خيمة نزوح مجازًا. فيها تشعل الحرارة صيفًا حتى لا تطيق نفسك، وتغرقها مياه الأمطار بعد أن تأخذها الريح. وتنتقل بين {شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} (الإنسان 13).

ومن عوامل الكبد والمعاناة في ظل واقع بيئي وصحي مزري، حيث تنتشر الأمراض والأوبئة كالنار في الهشيم، خاصة بين الأطفال وكبار السن، مما يفاقم الأزمة. {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة 155).

والحق ومكانته في قلوبنا، حيث فلسطين والقدس كعقيدة تسكن سويداء قلوبنا. ومعرفتنا بعدونا التلمودي يجعلنا ننظر إلى الابتلاء كامتحان يُصلب الله عز وجل به عود أصحاب الحق في فلسطين. فتستقر قيم الحرية والعدالة في المحنة، ويثبت من ثبتهم الله في الابتلاء. فتأتي البشارة {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} (الأنفال 45). واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ومن ذلك تأتي البشارة {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة 155)، فبشارة النصر تأتي مع الصبر.

المصدر / فلسطين أون لاين