شهدت الأيام الأخيرة إجراء سلاحي الجو الإسرائيلي والأمريكي مناورات مشتركة تحاكي سيناريوهات مختلفة في مواجهة ما يزعمها الاحتلال "التهديدات الناشئة" في الشرق الأوسط، صحيح أن التدريبات كانت جزءًا أساسيًّا من التعاون الإستراتيجي المتنامي بين الجيشين للتعامل مع التحديات المشتركة في المنطقة، لكن التوقيت يبدو لافتًا، خاصة أنها تجري بعد أيام قليلة فقط من اختتام قائد جيش الاحتلال أفيف كوخافي لزيارته إلى واشنطن.
بدأت التدريبات برحلات جوية مشتركة لطائرات ضخمة في سماء فلسطين المحتلة، وقامت القوات بإعادة التزود بالوقود في الجو باستخدام الوقود الأمريكي الثقيل الذي يغذي العديد من الطائرات المقاتلة، كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي مخططًا للعمليات والرحلات الجوية بعيدة المدى.
في الوقت ذاته، وكجزء من المناورة المذكورة، فقد نفذت شعبة الاستخبارات تمرينًا واسع النطاق لمحاكاة حملة ضد الدول الواقعة ضمن اختصاصات "الدائرة الثالثة" في جيش الاحتلال، واختبرت قدرات جمع الأهداف، والبحث عنها، وإنتاجها، وتوصيل المعلومات الاستخباراتية للقوات العملياتية.
بدا واضحًا زيارة رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد لمركز السيطرة تحت الأرض التابع للقوات الجوية، إذ عرض كوخافي عليه التفاصيل المختلفة للمناورة، والقضايا العملياتية، والاستجابة لما يسميه "التهديد" الإيراني، زاعمًا أن التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول يعزز قدرات جيش الاحتلال في مواجهة التحديات في الشرق الأوسط، مستخدمًا مفردة لافتة، وهي أنه "بات لدينا شركاء في الجو وعلى الأرض".
تأتي هذه المناورات المشتركة الإسرائيلية الأمريكية في ظل قلقهما من قدرة إيران على إنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة بكميات غير محدودة، ما يجعل هذه المناورات تتضمن خيارًا عسكريًّا قد يكون قابلًا للتنفيذ في حال وقعت المواجهة التي يهرب منها الجانبان، لكن المناورات تحمل غرضًا واضحًا وهو التحضر للقيام بعمل ميداني نشط لاستهداف طهران، بما في ذلك التحركات الاقتصادية، في ضوء استمرار مشروعها النووي في التقدم بوتيرة معتدلة.
بالتزامن مع هذه المناورات، أعلن جيش الاحتلال إجراء تجربة ناجحة لمركبة اعتراضية بعيدة المدى أُطلِقت من سفينة صواريخ متقدمة، ويمكن أن يتعامل المعترض مع مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما فيها الطائرات، والمسيّرات، وصواريخ أرض-جو.
تعبر هذه التجارب العسكرية الإسرائيلية المتلاحقة عن تخوف حقيقي من قبل الاحتلال من استهداف حرية حركته البحرية، على اعتبار أن 5900 سفينة في المتوسط تصل كل عام إلى موانيه، يصل 53% منها إلى ميناء حيفا، وتصل سنويًّا 300 ألف مركبة للمواني على متن السفن، و90% من قمحه المستورد يتم على متن السفن، ما يدفع سلاحه البحري لحيازة سفن مدرعة للتكيف مع التهديدات المختلفة من لبنان وغزة وسوريا.