لم أكن أتخيل على الإطلاق مغادرة قطر لكأس العالم من دور المجموعات لا سيما في ظل وقوع منتخبها في مجموعة أقل ما يُقال عنها (بين البينين) أي أنها ليست بالمجموعة القوية كما وأنها ليست بالضعيفة، ولكن ما حدث أمس من تلقي المنتخب القطري الخسارة الثانية، وما تبعها من تعادل الإكوادور وهولندا، وهي النتيجة التي حسمت الخروج الرسمي لقطر بعيداً عن الحسابات، جعلني أتوقف كثيراً لتحيل منطقي وعقلي لما حدث.
كنت وكان كل العرب يتمنون أن لا نرى سيناريو خروج الدولة المضيّفة، لأكثر من سبب، أولها أنها قطر العربية المسلمة، وثانيها أن ما زرعته على مدار 12 عاماً لن تتمكن من حصاده، ولكن في النهاية قدر الله وما شاء فعل.
وقبل الدخول في التحليل، فإن الكمال لله وحده، فهذا التنظيم الأكثر من رائع للمونديال كان ينقصه تحقيق نتائج إيجابية على الصعيد الفني، وأقل ما كان ينتظره الجميع هو تأهل قطر لدور الـ16، وهو أقصى دور تأهلت إليه جميع المنتخبات العربية على مدار تاريخ مشاركاتها في كأس العالم منذ عام 1934 وحتى نُسخة 2018.
فعلى مدار 12 عامًا عملت قطر على كل الأصعدة من أجل إنجاز استضافة أفضل نسخة من بطولة كأس العالم التي انطلقت لأول في العام 1930 في أوروغواي، حيث عملت ليل نهار على تجهيز ثمانية ملاعب بينها سبعة جُدد وتطوير ستاد حمد، إلى جانب العمل على صعيد البنية التحتية لكأس العالم بشكل خاص ولقطر ومدنها بشكل عام.
كل هذا العمل لم يكن بعيداً عن الانتقادات القاسية التي تعرضت لها قطر على مدار السنوات الماضية منذ إعلان الفاسد والمرتشي والمُستبعد من الفيفا، السويسري جوزيف بلاتر، الذي كان أول من تغنى بحصول قطر على حق الاستضافة، وكان آخر من انتقدها ولكنه لم يعد يحظَ بثقة الشارع الرياضي في العالم بعد محاكمته بتهمة الفساد.
طبعاً على الصعيد الفني الذي كان يسير بخطوات موازية لخطوات البناء، كان الجميع يعقد آمالاً كبيرة على المنتخب القطري للصعود لدور الـ16 على أقل تقدير مثلما سبق وأن فعلتها من قبلها المغرب في مونديال المكسيك 1986 ومن بعدها السعودية في مونديال أمريكا 1994 ومن ثم الجزائر في مونديال البرازيل عام 2014.
هذا الأمر لم يكن غريباً ولا مستبعداً لو حدث، لن قطر عملت على الصعيد الفني لبناء منتخب قادر على المنافسة منذ عام 2011 أي بعد عام على فوز قطر بحق استضافة المونديال، وهو ما يُحسب لقطر التي عملت على البناء من الصفر.
لقد أوكلت قطر مهمة البناء للمدرب الإسباني فليكس سانشيز باس، ذلك الشاب من مواليد عام 1975، وهو المدرب الذي لم يكن له خبرة كبيرة من خلال عدم توليه أي مهمة مع أي فريق مُصنف في العالم، حيث كانت بدايته مع فريق الشباب التابع لنادي برشلونة، ومن ثم انتقل للعمل في أكاديمية أسباير بقطر عام 2006، ومن ثم تم تعيينه مدرباً لمنتخب الشباب عام 2013 وقاده للفوز ببطولة آسيا تحت 19 سنة في العام التالي.
في 3 يوليو 2017، بعد فترة من العمل مع منتخب تحت 20 و23 سنة، تم تكليف سانشيز خليفة لخورخي فوساتي لقيادة المنتخب الأول، حيث نجح في الفوز بكأس آسيا للمرة الأولى في عام 2019، بعد فوزه بجميع المباريات الثلاث للمجموعة والمباريات الإقصائية، وسجل 16 هدفا واستقبل هدفًا واحدًا في البطولة.
واعتمدت قطر بقيادة سانشيز على مجموعة بعينها من اللاعبين الذي ترعرعوا معه بشكل تدريجي، وهو الأمر الذي قد يكون قد انعكس سلبياً على الفريق الذي لم يخضع للتجديد إلا قليلاً على مدار 11 عاماً، وهو ما جعل من اللاعبين يشعرون بالأمان كونهم ضمنوا مقاعدهم في المنتخب، فيما عاش البعض من خارج تلك التركيبة بدون هدف كون إمكانية الدخول على جسم المنتخب أمرًا غاية في الصعوبة.
كما وأن التركيز على المعسكرات المتواصلة كان من وجهة نظر الكثير من المختصين أمر مُمل للاعبين لأن اللاعبين دائماً يكونون بحاجة للمباريات التجريبية أو الرسمية من أجل تقبل التجمعات التدريبية الدائمة.
وخاض المنتخب القطري منذ شهر مارس 2022 سبع عشرة مباراة، (15) منها مع منتخبات أولى وأولمبية، واثنتان مع ناديين إيطاليين.