فلسطين أون لاين

تقرير التحذيرات من انهيار السلطة.. "الشاباك" لا ينفك عن "عقدته التاريخية"

...
رئيس السلطة في رام الله محمود عباس
رام الله- غزة/ يحيى اليعقوبي:

لا ينفك جهاز الأمن العام للاحتلال "الشاباك" عن التحذير من انهيار السلطة في رام الله وفقدانها السيطرة على الأوضاع بالضفة الغربية المحتلة، إذ يضع التقديرات على طاولة صناع القرار السياسيين للاستعداد ووضع الخيارات والسيناريوهات للتعامل مع المشهد المستقبلي.

ورغم أنّ "الشاباك" يراقب الواقع الفلسطيني من كثب، ويُحلّل كل صغيرة وكبيرة، لرفع تقاريره التي تُبنى في كثير من الأحيان على أبحاث ودراسات علمية، إلا أنّ هذا الأمر مرتبط بإخفاقات سابقة لم يستطع الجهاز الأمني التنبؤ بها، كحدوث الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وغيرها من أحداث يسعى لعدم وقوعه فيها مرةً أخرى، لتفادي حدوث استقالات في صفوف المسؤولين فيه، وتحميله المسؤولية.

وكان رئيس "الشاباك" رونين بار حذّر أخيرًا، في لقاء مع المكلف بتشكيل حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي من "خطر انهيار السلطة" وزيادة تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية نتيجة ذلك.

وبحسب موقع "واللا" العبري، فإنّ "الشاباك" وعناصر أخرى في المنظومة الأمنية الإسرائيلية قلقون من تصعيد الوضع الأمني في الضفة الغربية مع تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة.

وما يقلق أجهزة أمن الاحتلال، وفق الموقع، بروز خلايا مقاومة في الضفة الغربية مثل "عرين الأسود"، التي تتكون من شباب لا ينتمون إلى أيّ تنظيم، ولم يُعايشوا الانتفاضة الثانية، ويسهل عليهم الحصول على أسلحة في الضفة الغربية.

المختص في الشأن الإسرائيلي جلال أبو رمانة يشير إلى أنّ جهاز "الشاباك" يعيش عقدة تاريخية نتيجة اندلاع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، دون إعطائه أيّ تقديرات للمستويات السياسية عنها، وهو ما تسبب بحدوث استقالات في الجهاز إثر ذلك، وأيضًا بفعل حادثة اغتيال رئيس وزراء الاحتلال في حينه إسحاق رابين عام 1995، إذ كان هناك إشارات عن الحادثة لم يتم التحذير المسبق لها، تلاها استقالات في الجهاز.

وقال أبو رمانة لصحيفة "فلسطين": إنّ الإخفاقات السابقة في عدم قراءة الجهاز للواقع، خاصة اندلاع انتفاضة فلسطينية استمرت سنوات، تدفع الجهاز لدراسة واقع السلطة باستمرار في ظل الأزمات المالية، والانفلات الأمني وميل العديد من أفراد الأجهزة الأمنية بالضفة للمشاركة بعمليات مقاومة، وتصاعد المقاومة.

وأضاف أنّ الاحتلال يتعمد "إذلال السلطة" وإلغاء وجودها عبر عدة إجراءات، كاغتيال المقاومين وهدم البيوت وحصار القرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهذا ما قاد مراكز الأبحاث لدى "الشاباك" إلى الوصول إلى نتيجة أنّ احتمالية انهيار السلطة في حال انتهاء عهد رئيسها محمود عباس قائمة.

وبحسب أبو رمانة، ثمة عدة احتمالات وسيناريوهات يضعها "الشاباك"، منها أنّ انتفاضة ثالثة حقيقية ستندلع، بالتالي يطرحون سؤالًا ماذا ستفعل (إسرائيل) المعروفة بقدرتها على التشخيص العلمي وفق أبحاث علمية، لكنهم "جبناء في التنفيذ وهو ما يجعلهم يدفعون الثمن مرتين".

وأشار إلى أنّ الاحتلال جرّب القبضة الحديدية في عهد الرئيس الأسبق لحكومة الاحتلال أرئيل شارون بعدوان "السور الواقي" بالضفة، وهو الذي انتقد اتفاق "كامب ديفيد"، وطالب الإسرائيليين بانتخابه بعد ذلك، لكن تواصلت الانتفاضة الثانية في عهده، ثم اندحر عن قطاع غزة وأربع مستوطنات بالضفة.

ويرى أبو رمانة أنه لا يمكن التنبؤ فلسطينيًّا بوجود حالة انهيار حقيقية أم لا، لكن هناك شواهد يمكن التوقف عندها، أولها اتساع حركات التمرد من داخل أبناء فتح، مضيفا أن الذي يعيش الأحداث الآن بالضفة يعلم أن هناك قاعدة كبيرة بالتنظيم خاصة الشباب يعودون لجذورهم، وللعمل المقاوم، أما حماس والجهاد الإسلامي فلم يتغير عليهما شيء وبقيتا حركتي مقاومة.

هذا التغيير الإستراتيجي الذي قد يحدث في قاعدة فتح، له تأثير على مجمل الأوضاع وينعكس على وضع السلطة التي لا تزال تحافظ على التزاماتها الأمنية، موضحًا أنّ مفهوم الانهيار لدى السلطة سيختلف عن انهيار بعض الأنظمة العربية، في ظل وجود طرف ثالث بالمعادلة وهو الاحتلال، بالتالي أيّ خلل سينعكس عليه، وهذا ما أراد "الشاباك" التحذير منه.

فيما يقرأ الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف التحذيرات في سياق عزلة السلطة عن المواطنين، وتآكل شعبيتها، وهو ما يُشكّل خطرًا من إمكانية انهيارها في ظلّ تنامي ظواهر مقاومة خارجة عن سيطرة أجهزتها الأمنية كجنين ونابلس، إضافة للخليل التي تأخذ عمقًا عشائريًّا، بالتالي لم يعد للسلطة ركائز تعتمد عليها.