انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي صورة لمستوطنات "إسرائيليات" وهنَّ يتدربن على إطلاق النار من السلاح، لاستخدامه ضد الفلسطينيين، وذلك بشكلٍ لافت للرأي العام الفلسطيني المحلي، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الصورة للصهيونيات وما يدور حولها من إشارات وتفسيرات مختلفة وإن كانت تحمل بين طيّاتها رمزية التهكم والسخرية والاستهزاء بالعجوز الصهيونية، إلا أنّ لها دلالات عدّة ورسائل أخرى يرغب الكيان الصهيوني المحتل برئاسة الحكومة الصهيونية المُقبلة إيصالها للفلسطينيين، ولعلّ أبرزها تأكيد ضرورة استخدام السلاح واتباع سياسة الإعدامات الميدانية التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، تلك الخطوة المُشار إليها من شأنها التركيز على أنّ تلك السياسة المُمنهجة هي عنوان المرحلة الحالية للحكومة الصهيونية الجديدة، والتي أفرزتها الانتخابات الصهيونية الأخيرة بتصدير وتسليط الضوء على الصهيوني اليميني المتطرف إيتمار بن غفير والصهيوني المتطرف الآخر بتسلئيل سموتريتش.
ولم يقتصر الأمر على صعود حزبي سموترتيش وابن غفير وحصولهم على ١٤ مقعدًا من مقاعد البرلمان "الإسرائيلي" المئة وعشرين، بل ما أُعلن عن سعيهم الحثيث ومطالبتهم لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تولي مناصب مهمة وحساسة في حكومة الاحتلال مثل منصب وزير الأمن الداخلي ومنصب وزير المالية، ولا سيما بعد أن أصبحا ثالث أكبر قوة في البرلمان ودخولهما المؤكد إلى حكومة نتنياهو.
إنّ صعود الفاشية والعنصرية إلى الحكم يؤكد أنّ الحكومة الصهيونية المُقبلة تتّجه نحو اتباع أقصى درجات التطرف والإرهاب والإجرام بحقّ الفلسطينيين، والدليل على ذلك ما حقّقته الأحزاب وقوى اليمين المتطرف من فوز على اليسار الصهيوني في الانتخابات الأخيرة، التي تجمع الليكود، وأحزاب الصهيونية الدينية التي حصدت ١٤ مقعدًا بزعامة المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يدعو إلى طرد النواب العرب، وتعزيز الجيش والشرطة في مواجهة الفلسطينيين والمعارضين لـ(إسرائيل)، في حين يدعو سموترتيش إلى فتح المسجد الأقصى والسماح لليهود بالصلاة فيه وإقامة الهيكل المزعوم، بل ويتبنى فكرة نشر قوات الجيش في المدن والقرى الفلسطينية في الداخل المحتل لمواجهة أي تظاهرات أو احتجاجات وقمعها بوحشية.
وبينما تستولي قوى التطرف على مقاليد الحكم والتشريع والقضاء والأمن في الكيان الصهيوني، يتأكد للرأي العام الفلسطيني أنّ الفاشية الصهيونية ستمضي في برامجها وستولي مُخططها أهمية قصوى خاصة التركيز على مزيدٍ من العنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل، أضف إلى ذلك تعزيز الاستيطان ونظام الفصل العنصري وتسليح المستوطنين ودعمها الاعتداءات على الشعب الفلسطيني من خلال مصادرة أراضيهم وإطلاق أيدي المستوطنين عليها في الضفة الغربية المحتلة.
ولن ينتهي المطاف بصعود التطرف والفاشية عند ذلك، بل سيقتل حلم التسوية المزعوم و"حل الدولتين" الذي تلهث السلطة خلفه لإقامة الدولة الفلسطينية عبر وهم المفاوضات العبثية مع الكيان الصهيوني المغتصب للأرض الفلسطينية المقدسة.
ومما لا شك فيه أنّ نتائج الانتخابات الصهيونية وما أفرزته من صعود وسيطرة اليمين المتطرف ستؤدي إلى استمرار المواجهات بين الفلسطينيين والصهاينة في الضفة الغربية المحتلة، ولن ينعموا بحلم الهدوء أو الاستقرار، بل سينتج عن ذلك الإجرام والإرهاب تصاعد وتيرة العمليات البطولية في أرجاء الضفة الغربية.
أخيرًا وبالعودة إلى تبني وتوجه حزبي اليمين الصهيوني المتطرف استخدام القوة والسلاح ضد الشعب الفلسطيني، فهذا يُشير إلى حالة الخوف وانعدام الأمن والقلق والرعب المُسيطر على المجتمع الصهيوني ككل، وما يدلل على ذلك حالات القتل بالخطأ للجنود الصهاينة، والتي وقعت في الآونة الأخيرة، ومما لا شكّ فيه أن الخشية باتت من تصاعد موجة العمليات البطولية في أرجاء الضفة الغربية المحتلة حاضرة في قاموس قادة الكيان الصهيوني، ولا سيّما أنّ العام الحالي سجّل أعلى معدل قتلى في صفوف الصهاينة من جرّاء تنفيذ عمليات فدائية، وقد وصل العدد إلى ٢٩ مقارنة بالأعوام الماضية وحتى منذ عام ٢٠٠٥، وليس ذلك فحسب؛ بل هذا العدد وبكل تأكيد مع ثورة الشباب الثائر في ربوع فلسطين المحتلة مرشح للزيادة والأيام القادمة ستُثبت ذلك، وما دام الاحتلال الصهيوني جاثما على أرض فلسطين فلا ولن ينعم بالأمن أو الأمان أو الاستقرار في بلادنا فلسطين، فهذه الأرض حرام عليهم وليست ملكًا لهم، وما لهم إلا أن يرحلوا عنها أو يُجهزوا أكفانهم استعدادًا لدفنهم.