في الحين الذي سعى فيه بينيت ولابيد ومعهما هرتسوغ، خلال عام ونصف لإصلاح ما خرّبه نتنياهو من علاقات مع دول العالم، بما فيها العربية، فإن هذه الدول تواجه تحديات جديدة مع عودته للسلطة، صحيح أنها عبرت عن عدم تدخلها في الانتخابات الإسرائيلية، لكن قلقها من نتائجها لا تخطئه العين.
فور صدور نتائج الانتخابات، بدأت واشنطن والعواصم الأوروبية بدراسة نتائج صعود اليمين المتطرف لدى الاحتلال مباشرة لمواقع النفوذ، وبات من نافلة القول أن أوساطها السياسية تترقب بشكل غير مريح كيف ستكون السياسة الإسرائيلية القادمة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتحاول توقعها في مجال السياسة الخارجية للحكومة المقبلة، بينما لا يزال السؤال حول هوية وزير الخارجية المقبل مفتوحًا، لكن الافتراض أن نتنياهو سيسيطر على مجالات الخارجية والأمن في كل الأحوال.
الدولة الأولى الأكثر تأثرا بنتائج الانتخابات هي تركيا، التي شهدت علاقاتها مع الاحتلال خلال غياب نتنياهو عن السلطة تطورات مهمة متلاحقة، من خلال تواصل أردوغان مع هرتسوغ وبينيت ولابيد، والسؤال الآن: هل سيستمر نتنياهو طريق أسلافه، ويواصل خطواتهم، صحيح أن أسباب تركيا لتجديد العلاقات مع الاحتلال هو وضعها الاقتصادي، وتعزيز مصالحها في واشنطن، لكنها بالتأكيد لم تبتسم من "الأذن إلى الأذن" مع عودة نتنياهو.
الدولة الثانية القلقة من عودة نتنياهو هي لبنان، فرغم تصريحاته الانتخابية بشأن إلغاء الاتفاق البحري، لكن يصعب تصديق أنه سيكون هدفًا رئيسيًا فور عودته للسلطة، خاصة وأن الاتفاق حظي بتأييد كبير في أوساط الجمهور؛ ما دفعه لتغيير رأيه ووصفه بأنه غير مناسب، دون التهديد بإلغائه، خاصة وأن نتنياهو لن يكون مستعجلا في مواجهة بايدن، الذي أشاد بالاتفاق، ويواجه بعد أيام قليلة الانتخابات النصفية.
إيران هي الدولة الثلاثة المتأثرة بنتائج الانتخابات الإسرائيلية، فهي تعلم موقف نتنياهو من الاتفاق النووي، بعد أن حقق بينيت ولابيد تفاهمات مع واشنطن بسبب حوارهما الهادئ، لكنه خاض حملته الانتخابية بتوجيه اتهامات عدائية لهما فيما يتعلق بالاتفاق النووي، والتقدير الإيراني أنه سيواصل سياسته القديمة إلى حد كبير، ومن المتوقع الآن أن يواصل مطالبة الولايات المتحدة بعدم التوصل إلى اتفاق متجدد معها، استمرارا لموقفه القديم منذ 2015.
روسيا تترقب كيف سيكون موقف نتنياهو منها، وهو الصديق المقرب من بوتين، رغم إشارته قبل أسابيع أن الاحتلال مطالب بالحذر عند الحديث عن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، مما حمل إشارات على أنها تكملة لسياسة أسلافه، لكنه في الوقت ذاته سيواجه عدة معضلات بشأن هذه الحرب، أولها ما الذي سيفعله إذا أراد بوتين التباهي أمام المجتمع الدولي بعلاقته معه، وثانيها استمرار أوكرانيا لمطالبتها بالمساعدة العسكرية، ولا سيما بعد ضلوع إيران بتجهيز الروس بمسيّراتهم، والخشية الإسرائيلية من تأثر عدوانهم على سوريا.