بدأت مجموعة عرين الأسود بالظهور في نابلس مطلع سبتمبر الماضي، وهي عبارة عن مزيج من الشباب الفلسطيني المُقاوم الذي نشأ وترعرع على حمل هم القضية الفلسطينية والدفاع عنها، تحديدًا بعدما وُقِّعت ما تُسمى اتفاقية أوسلو، هؤلاء الثُوّار الأبطال وحَّدتهم راية الوطن التي تحتضن البندقية وجمعهم صوت الرصاص، أياديهم الضاغطة على الزناد تنتمي إلى مختلف الفصائل الفلسطينية، تلك الأيدي تشابكت معًا واشتبكت مع قوات الاحتلال الصهيوني وأوقعت بهم خسائر عدّة، وليس هذا فحسب؛ بل أرّقتهم وأرعبت كيانهم الغاصب في نابلس وجنين، وبات وجودهم وتصدّيهم للعدو محط أنظار المستوى السياسي والعسكري الصهيوني خشية انتشار موازٍ ومُكثّف لِمجموعات أخرى مُسلحة تدعمها وتساندها وتسير على دربها النضالي في بقية مدن وقرى فلسطين المحتلة.
بلا تردد وبكل شجاعة وإقدام وإصرار على الدفاع عن فلسطين ومُقدّساتها انطلقت جذوة النضال والمقاومة المُشتعلة بوقود الثورة الملتهبة، والتي لن تتراجع قيد أُنملة ولن تُخذل من أي حرٍّ وطني شريف، مهما تعرّضت لمحاولات التضعيف أو التسكين، فلا ولن تنطفئ أو تُهزم، فقد ولّى زمان الاستسلام والركوع إلى غير عودة، والشاهد على ذلك مِن قلب نابلس، جبل النار، معقل الثوَّار، ميدان العزِّ والفخار، قلعة شهداء عرين الأسود، والتي أصدرت مساء الجمعة بيانًا أرسلت من خلاله رسالة تحدٍّ للمحتل وأعوانه بأنّنا هاهنا باقون ولو بقي فينا جندي واحد سيموت لتبقى فكرة المقاومة مستمرة، كما رسّخت لفكرتها مع البندقية وقالت: "لا أبقى الله بندقية لا تشتبك ولا تفكر به".
هذه الرسالة التي احتواها البيان، إن دلَّ مكنون المضمون أو المخفي وراء سطورها فإنّه يدل على كونهم فكرة مُتأصلة وتجذّرت لِرُعب الصهاينة ومُطارَدتهم عبر مواصلة طريق الجهاد والمقاومة والتحدي والإصرار على إيلام العدو الصهيوني وتدفيعه ثمن حماقته باستهدافه خلال الأسابيع الماضية، الشهيدين تامر الكيلاني ووديع الحوح.
وأمام تطورات المشهد النضالي الثوري والتكتيك الذي يتبعه أبطال العرين في تصدّيهم للهمجية الصهيونية والعنجهية المتواصلة التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني في نابلس خاصةً استهدافه وملاحقته ثُوّار عرين الأسود بالاغتيال أو الاعتقال، فقد قالت العرين في بيانٍ لها: واهمٌ من يظن أن العرين ينتهي ثم واهم من يظن أن لديه معلومات عن مجموعة عرين الأسود، كما طمأنت أبناء الشعب الفلسطيني عن مصير أبناء العرين وخاطبتهم بالقول: "يا تاج الرؤوس يا درعنا الواقي إنّ مقاتلي عرين الأسود الحقيقيين انقسموا إلى ثلاثة أقسام: قسم شهداء مضوا ينعمون بإذن الله في جنات النعيم، وقسم جرحى قطعت أشلاؤهم في سبيل أن تستمر المقاومة، وقسم ينتظر هم جنود الله.
وأما عن أبناء مدينة نابلس المحاصرة، فقد أكدت لهم بأنّ ألم الاحتلال ومستوطنيه أشد ألمًا مما تواجهون، وذكرت بالقول: "إن كنتم تألمون من الحصار اخرجوا وانظروا إلى طرقات المستوطنين فوالله إنها فارغة، هم المحاصرون في بيوتهم، محاصرون في مستوطناتهم لا يخرجون، فاصمدوا واصبروا وادعوا لمقاومتكم، فوالله إنها تجهز لهم ما يشفي صدوركم.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ما جاء في بيان أسود العرين ومُخاطبتهم الشعب الفلسطيني وأبناء نابلس وإخوانهم الثُوّار في مقاومة بلاطة وجنين وعسكر لهو أكبر دليل على تمسُّكهم بخيار المقاومة وإصرارهم على مُواصلة مسير النضال برغم الآلام والمُلاحقة ومحاربة العدو وأتباعه لأجل تصفيتهم ووأد فكرتهم الثورية وأنّى لهم ذلك، كيف لا وقد استجابت مقاومة بلاطة المسلحة للنداء وردّت على بيان عرين الأسود، وأكدوا بأنّهم مع العرين كتفًا بكتف وعلى قلب رجلٍ واحد لمواجهة الاحتلال الغاشم وأعوانه، وهذا من شأنه إحداث الرعب والخوف لدى الاحتلال الصهيوني الذي يواصل الليل بالنهار سعيًا مع سلطة التنسيق الأمني لإخماد بركان العرين المنتفض، ولعلّ دور الاحتلال يتكامل مع دور السلطة خاصةً مع قيامها باعتقال مصعب اشتية أحد رموز العرين، وهذا ما أثار غضب الشارع الفلسطيني على سياسات السلطة ومواقفها المنسجمة مع الاحتلال.