فلسطين أون لاين

جيش الاحتلال "المقاول" لدى المستوطنين

يومًا بعد يوم، يثبت جيش الاحتلال أنه أداة قمعية ضد الفلسطينيين، وتحول لكونه تابعًا للمستوطنين من خلال الشواهد الميدانية في الأراضي المحتلة، مما دفع أوساطًا إسرائيلية عديدة للمطالبة بوضع حدّ للبلطجة التي ينفذها هؤلاء بحمايته.

لا يكاد يمر يوم دون أن تكشف وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أحداث تتمثل برشق المستوطنين بالحجارة للفلسطينيين، وتحت حماية الجنود المدججين بالأسلحة، وبعد أن يرفض الفلسطينيون الاستسلام لرغبات المستوطنين بإغلاق محلاتهم، فإن هؤلاء يتراجعون، لكنهم سرعان ما يعاودون الكرة مجددا دون رادع، رغم ما يتخلل ممارساتهم من عنف مادي ضد الفلسطينيين.

ما يقوم به المستوطنون ضد الفلسطينيين قد يكون مفهوما من طرفهم، بمنطقهم هم، لكن غير المفهوم أن يتحول "الجيش الإسرائيلي"، وخلال عقود من الاحتلال، ليصبح "جيش الدفاع للمستوطنين"، حتى عندما يعملون ضده، مما يضر بأمن دولة الاحتلال بأسرها، مع أن تصرفات الجيش الهادفة لحماية المستوطنين ستؤدي لتدهور الوضع، وقد تقود لانتفاضة ثالثة.

الجنود في غالبية حوادث العنف ضد الفلسطينيين لم يفكروا مرة واحدة بإيقاف المستوطنين، فقط يحاولون الفصل بينهم، وفي الوقت نفسه حثّ الفلسطينيين على حبس أنفسهم في متاجرهم، وعدم الخروج منها، وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع، وإطلاق النار في الهواء، وهذه نفس الديناميكية على نطاق متفاوت تحدث طوال الوقت بكل مكان بالضفة الغربية، في حوارة بنابلس ومراعي جنوب الخليل.

حين يحصل الاشتباك بين الفلسطينيين والمستوطنين، فإن أقصى ما يقوم به الجنود الفصل بينهما، وإصدار أمر بإغلاق منطقة عسكرية لمدة 24 ساعة لتجنب الاحتكاك، مما يعني إجبار الفلسطيني عن التخلي عن مراعيه حتى اليوم التالي، ثم يحدث الشيء نفسه مرة أخرى، والنتيجة النهائية أن الفلسطينيين لا يستطيعون فعلاً رعي قطعانهم على أراضيهم، وهو ما أراده المستوطنون في المقام الأول.

لم يعد سرّا أن جيش الاحتلال تحول مقاولا تنفيذ لسياسة المستوطنين، ولذلك فقد سقط 150 شهيدا منذ بداية 2022 في عمليات احتلالية، نصفهم لم يكونوا منخرطين بعمليات مقاومة، بل مشاركون في مظاهرات احتجاجية سلمية، ولم يعرضوا حياة الجنود للخطر، وأولاد وأطفال أصيبوا بالرصاص من مسافة بعد رمي الحجارة، وكأن إجراءات إطلاق النار تجيز قتلهم حتى بعد توقفهم، دون الإمساك بهم، ودون محاكمة.

لم يعد خافيا إذن أن جيش الاحتلال يتعاون مع المستوطنين ضد الفلسطينيين، وكأنه موجود لدعمهم، والعمل نيابة عنهم، بما في ذلك منع الفلسطينيين من مزاولة حياتهم، مما يعزز رغبتهم في الانتقام من الجيش والمستوطنين معاً، بسبب ما يقومان به من زراعة كراهية يومية في نفوس الفلسطينيين، وتورط الجيش في ممارساته القمعية ضدهم إرضاء للمستوطنين، مما يغذي المقاومة المسلحة، ويضعف من يفضل عدم الانخراط فيها، أو اللجوء للمقاومة اللاعنفية.