فلسطين أون لاين

اعتراف إسرائيلي باتساع الفجوة والخلافات مع يهود الشتات

فيما تشهد دولة الاحتلال استقطابات حادة متصاعدة بين اليهود أنفسهم، لا سيما عشية الانتخابات، بين الشرقيين والغربيين، العلمانيين والمتدينين، فإن هناك انقسامًا جديدًا يشهده اليهود، بين المقيمين في فلسطين المحتلة، وأولئك المعروفون باسم "يهود الشتات" المنتشرين في دول العالم، في ظل اتساع الفجوة بينهما، واتهام دولة الاحتلال بإهمالهم، مما دفعهم لفقدان التعاطف معها، وتأييد مواقفها، وتمسكهم بهويتهم المحلية، في الولايات المتحدة وأوروبا على حساب دولة الاحتلال ذاتها.

مع أن هناك قناعات باتت متزايدة يتفق عليها الإسرائيليون والأمريكيون، ومفادها أن هناك مسافة كبيرة بين دولة الاحتلال ويهود الشتات، بل إن يهود أمريكا الشمالية يتهمون الإسرائيليون بأنهم لا يعرفون شيئًا عن الشتات، ولا يهتمون بهم.

هذه الفجوة المتزايدة في بعض أسبابها أن علاقة الجانبين مقتصرة على الشعارات الأيديولوجية والرمزية وليس السلوك الملموس والحقيقي، وعدم التوقف عند ما يلعبه يهود الشتات من دور أيديولوجي فقط، بل كفئات سكانية عادية، لا سيما في ضوء تفاقم الخلافات التي اندلعت بينهما، بدليل عندما يُسأل اليهود الإسرائيليون عن طبيعة علاقتهم والتزامهم بيهود الشتات، فإنهم يجيبون بواجب إحضارهم الى فلسطين المحتلة فقط.

كما أن مؤشرات حياتهما لا يمثل قاسمًا مشتركًا، وبالتالي فإن مكانة يهود الشتات في الأيديولوجية الإسرائيلية تشبه مكانة الشعب اليهودي في اللاهوت المسيحي، ومع مرور الوقت أصبح عدم استقرار اليهود في الشتات "يثبت" حقيقة الصهيونية ودولة الاحتلال، أي أن يهود الشتات مهمون لها ليس بسبب المساهمات التي يقدمونها لها، ويساعدون بتأمين دعمها الدبلوماسي والعسكري، بل تحتاج إليهم على مستوى مفاهيمي وأيديولوجي ورمزي، لأنها دولة تأسست على أساس أيديولوجي، تم توظيفه لاعتبارات سياسية واحتلالية.

يمكن استخلاص جملة من النتائج المهمة في العلاقة الإشكالية بين اليهود الإسرائيليين ويهود الشتات، أهمها أن الإسرائيليين لا يعرفون شيئًا عن هؤلاء، وفي الحقيقة لا يهتمون بهم، مع وجود اختلافات سياسية وأيديولوجية ودينية بين الأغلبية الليبرالية غير الأرثوذكسية من يهود أمريكا الشمالية واليهود الإسرائيليين، مما يكشف عن عدم معرفة الإسرائيليين بيهود الشتات، وأنماط حياتهم. 

صحيح أن إنشاء دولة الاحتلال على أرض فلسطين هو ما حفّز يهود الشتات بعد الهولوكوست، لكنهم يعترفون اليوم بعد مرور أكثر من سبعة عقود على إنشائها أن هذه المعاني الرمزية والأيديولوجية لإسرائيل بالنسبة لهم أصبحت أقل ديمومة، بدليل أن اليهود الأصغر سناً حول العالم لا يعرفون إلا قليلاً من الأحداث البارزة في التاريخ اليهودي غير الهولوكوست أو إقامة دولة الاحتلال، وبدلًا من ذلك ركزوا بشكل أكبر على ظروف معيشتهم الفعلية، مما يكشف عن مسافة كبيرة بينها وبين ويهود الشتات.