يرقد المقدسي محمد زهران على الفراش، وبالكاد يقدر على الحركة بعد اعتداء مجموعة ملثمة من المستوطنين عليه قبل أيام، في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة.
يبدو زهران (53 عامًا) في حالة يرثى لها نتيجة الاعتداء عليه بآلة حادة وإصابته بجروح خطرة في الرأس.
وقال لصحيفة "فلسطين"، إنه كان يقف أمام بيته ليلًا عندما انتشرت فجأة مجموعات من المستوطنين في حي الشيخ جراح، وجاء أحدهم وضربه بقضيب حديدي على رأسه، فسقط أرضًا على الفور.
وبثَّ صحفيون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات قصيرة تظهر اعتداء المستوطنين على زهران، كما تُظهر المستوطنين الملثمين أيضًا وهم يقومون بأعمال عربدة وتخريب في الشيخ جراح.
وبينما أفاد زهران بأن الاعتداء تسبب بإصابته بجروح في جبينه ورأسه بأكثر من 12 غرزة، طالب المؤسسات الحقوقية بتوثيقه والمضي في الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة المستوطنين.
إرهاب يومي
وصعّد الاحتلال والمستوطنون انتهاكاتهم، مؤخرًا، في كل أحياء وبلدات القدس، ما أدى إلى اشتعال الشارع المقدسي، لا سيما بعد حصار قوات الاحتلال مخيم شعفاط، وتصاعد وتيرة انتهاكات المستوطنين تحت حماية مشددة من شرطة وجيش الاحتلال.
وعبّر نشطاء وحقوقيون عن غضبهم من جريمة المستوطنين التي كاد أن يروح ضحيتها زهران، وأكدوا أن ذلك يعكس الإرهاب اليومي الذي يتعرض له المقدسيون، ويتكرر كثيرًا في الشيخ جراح، وغيره من أحياء وبلدات القدس.
وقال الناشط المقدسي هاشم السلايمة: إن هجمات الجماعات الاستيطانية زادت في الأسابيع الماضية بالقدس، وخاصة في الشيخ جراح، مشيرًا إلى استخدام المستوطنين أسلحة نارية وبيضاء متنوعة.
وبيّن السلايمة لصحيفة "فلسطين" أن الاعتداءات تشمل استخدام السواطير والهراوات والأحجار وغاز الفلفل، على مرأى من جنود جيش الاحتلال وشرطته دون أن يحركوا ساكنًا.
ونبَّه إلى إدخال جيش الاحتلال وسائل حربية جديدة في عدوانه على الشيخ جراح والقدس بالكامل، ومنها استخدام طائرات حربية بدون طيار على مدار الساعة.
وأضاف أن الاعتداءات على المقدسات والمواطنين في القدس يشارك فيها نواب في "كنسيت" الاحتلال، ووزراء في الحكومة التي يرأسها يائير لابيد، وضباط في جيش وشرطة الاحتلال كذلك.
وتابع: أن ضباط شرطة الاحتلال لديهم اتصال مباشر بقطعان المستوطنين، ويسهّلون لهم عملية الدخول للمناطق التي يوجد بها فلسطينيون بالقدس لتنفيذ انتهاكاتهم، ويؤمّنون لهم الفرار أيضًا دون أن يتعرض أحدهم للاعتقال.
واستدرك السلايمة: أن الجمعيات الاستيطانية تسيطر بالكامل على حكومة الاحتلال وأجهزة أمنها أيضًا، وكذلك قضاء الاحتلال، وهم ينفّذون ما يحلوا لهم من انتهاكات وجرائم.
ويعد الشيخ جراح، أحد أحياء القدس المهددة بالتهجير والهدم أيضًا، بسبب أطماع الجمعيات الاستيطانية في إقامة ما يسمى "الحوض المقدس".
وبيَّن السلايمة أن قرابة 2000 مقدسي مهددون بالتهجير من حي الشيخ جراح.
سياسة ممنهجة
بدوره، قال منسق ائتلاف حقوق الإنسان في القدس زكريا عودة: إن جماعات المستوطنين يصعّدون عدوانهم على أحياء القدس، وهم يحشدون أنفسهم ويهاجمون منازل المواطنين الفلسطينيين بالقدس، ويدمرون الممتلكات، وعلى وجه المركبات.
ونبَّه عودة لصحيفة "فلسطين" إلى أن هذه الانتهاكات أمام شرطة الاحتلال دون أن تحاول وقف هؤلاء المستوطنين أو طردهم، وإذا ردّ شاب مقدسي على اعتداءات المستوطنين، تُقدِم شرطة الاحتلال على اعتقاله والاعتداء عليه، وهذا المشهد يتكرر في كل مكان بالقدس، ومناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة أيضًا.
وأضاف: "الاحتلال يتبع سياسة ممنهجة تعتمد على إفلات يد الجماعات الاستيطانية المدربة على ارتكاب الانتهاكات والجرائم"، مستنكرًا بشدة صمت حكومة الاحتلال وأجهزة أمنها على الجرائم اليومية للمستوطنين".
وينطلق هؤلاء المستوطنين في تنفيذ انتهاكاتهم بمساعدة جنود الاحتلال من إعلان رئيس الإدارة الأمريكية السابق دونالد ترامب القدس "عاصمة" لكيان الاحتلال، حسب زعمه، ويهدفون من ذلك إلى فرض المزيد من السيطرة والتهويد.