بعد أن عقدت دولة الاحتلال مع الولايات المتحدة أواخر سبتمبر أول اجتماع لهما في إطار "الحوار الإستراتيجي حول التكنولوجيا"، لا تخفي الأخيرة أنها تسعى لجذب تكنولوجيا الأولى باتجاهها على حساب الصينيين الذين يتوسعون في الاقتصاد الإسرائيلي عامًا بعد عام رغم التحذيرات الأمريكية المتزايدة.
مع العلم أن الإسرائيليين يحتفظون بما يعدّونها قائمة "سوداء" من السياسات الصينية ضدهم، تهدف لسرقة ونقل المعرفة والتكنولوجيا لديهم، رغم أن مجتمع المخابرات الإسرائيلي على دراية كاملة بمخططات الشركات الصينية للحصول على المعرفة التكنولوجية، أو سرقتها، خاصة في القطاع العسكري، ونقلها للصين، رغم وجود فجوة بين مجتمع الاستخبارات وقرارات الجهاز السياسي في دولة الاحتلال حول التعامل مع الصين.
المعارضون الإسرائيليون للتمدد الصيني الحاصل يستندون إلى إرسالها الدائم لجواسيسها، وإقامتها سابقًا علاقات عسكرية واسعة مع العراق، ونقل أطنان من اليورانيوم المخصب إليه، أما اليوم فإن إيران تُعَدُّ ملعبًا آخر للصين، تزودها بمنشأة لإنتاج اليورانيوم، ونقل التكنولوجيا لإنتاج الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والتقليدية المتطورة، والصواريخ البالستية.
حتى أن هؤلاء ينقّبون في أرشيف المخابرات الإسرائيلية ليعثروا على تسليح الصين للفلسطينيين في السبعينيات، وتزويدهم بكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، بما يعادل اليوم ثلاثين مليون دولار، بما فيها البنادق والقنابل اليدوية والبارود والألغام والمتفجرات الأخرى، فضلًا عن تدريبهم في معسكراتها، وفي السنوات الأخيرة وصلت شحنات صواريخ صينية إلى حماس وحزب الله، مع العلم أن بكين لا تصنف حركات المقاومة الفلسطينية لديها بأنها إرهابية، على عكس المنظومة الغربية.
في الوقت ذاته، فإن الشركات الصينية اخترقت دولة الاحتلال عبر البوابات الاقتصادية والأكاديمية، فنفذت 130 صفقة خلال العقد الأخير فقط، شملت شراء شركة تنوفا للألبان، والفوز بمناقصات لبناء وإدارة الموانئ، واستثمار رؤوس أموال ضخمة في شركات التكنولوجيا الفائقة، واستخدام "معهد كونفوشيوس" داخل الجامعات الإسرائيلية، بوصفه جزءًا مهما من خطة دعايتها خارج الصين، مع أن واشنطن زعمت أنه يُستخدم لتجنيد الجواسيس، وبات أداة لاختراق الإسرائيليين.
ورغم أن القلق الأمريكي من النفوذ الصيني لدى الاحتلال بدأ بعهد ترامب، الذي حاول إقناع نتنياهو بإنشاء آلية مستقرة لفحص وفحص الاستثمارات الصينية فيها، لكن الأخير لم يلتزم بمخاوفه، وواصل فتح الأبواب أمام الاستثمارات الصينية، رغم أنها تشكل تهديدًا للمصالح الأمريكية.
تكشف القائمة الإسرائيلية عما يمكن وصفه بعِداء صيني تجاه الاحتلال، بزعم أنها داعمة دورية للفلسطينيين في الأمم المتحدة، وتصوّت دائمًا ضدها، وتدعم جميع القرارات المناوئة لها، ومنها تصويتها ضد مشروع أمريكي لإدانة حماس، ورغم ذلك فقد واصل الاحتلال علاقاته بها، وأغلق مكاتب ملاحقه الاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا، وأبقى عليها، وحين زارها نتنياهو أعلن أن "الصين مهتمة بثلاثة أشياء: التكنولوجيا الإسرائيلية، والتكنولوجيا الإسرائيلية، والتكنولوجيا الإسرائيلية".