فلسطين أون لاين

​حسن زايد.. أعطى المخلفات الزراعية شكلًا جديدًا

...
غزة - هدى الدلو

كانت مجرد جولة غير مخطط لها في المنطقة الزراعية المحيطة ببيته في بيت لاهيا، إلا أنها فتحت أفقا جديدا أمامه، عندما أثار انتباهه كثرة المخلفات الزراعية التي يتم التخلص منها، وهذا ما يحدث في أغلب مناطق قطاع غزة، إذ يتم حرق أعواد الذرة ومخلفات الأشجار والنخيل وغيرها، إضافة إلى ذلك فالتربة في قطاع غزة أنهكتها الحروب المتكررة والمواد السامة التي تحملها الصواريخ والقنابل.

الرؤية العابرة للمخلفات الزراعية كانت شرارة أولى دفعت المهندس حسن زايد للتفكير في الاستفادة منها في إنتاج مادة الفحم الحيوي.

"فلسطين" حاورت المهندس زايد للتعرف على مشروعه، وهو مهندس ميكانيكي تخرج من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عام 1999، ويعمل حاليا في قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الإسلامية.

بأبسط الامكانيات

بدأت الفكرة تراود زايد منذ عام 2012، نجح في تأسيس فريق ومصنع معتمدًا على ما هو متوفر من مواد خام في قطاع غزة ليصنع هو وفريقه الماكينات اللازمة بأنفسهم، رغم ما يعانيه القطاع من إغلاق للمعابر.

وفي عام 2014 تعرض المصنع للتدمير الكلي بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وقُدّرت خسائره بعشرين ألف دولار، ولكنه عاد للنهوض من جديد بعد عام من الحرب باستئجار مكان آخر، لإحياء المشروع بأبسط الإمكانيات.

وبين زايد أن الفحم الحيوي هو المادة الناتجة عن حرق المخلفات العضوية النباتية في وسط يفتقر إلى الهواء وتحت ضغط منخفض من الأكسجين.

ولفت إلى أن الطريقة التقليدية التي كانت تتبعها شعوب أمريكا اللاتينية لصنع الفحم الحيوي هي جمع مخلفات المحصول الزراعي، بما في ذلك الأوراق وسيقان النباتات والجذوع الخشبية وقشور بعض أنواع الحبوب وربما حتى بعض نباتات المروج والبحيرات التي تنمو بشكل عشوائي، ومن ثم إشعال النار فيها، وطمرها بالتراب، وتظل المخلفات تحترق ببطء إلى أن تتحلل جميع المكونات وتتحول إلى مسحوق أسود أو شظايا صغيرة تسمد به الأراضي والمزروعات.

نوعان

ينتج زايد الفحم الحيوي، والفحم المضغوط، وعن النوع الأول أوضح: "الفحم الحيوي ( البيوشار) هو فحم ناعم خالٍ تمامًا من القطران، ويتم إضافته للتربة الزراعية، وسماد الفحم الحيوي هو من أقدم أنواع التسميد الأخضر الطبيعي الذي استخدمه الإنسان في نشاطه الزراعي، واشتهرت به قبائل وشعوب منطقة حوض الأمازون".

وأشار إلى أن للفحم الحيوي منافع عديدة للتربة تكمن في تحسين خواصها الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية، فهو يساعد على تهوية التربة ويسهل عملية امتصاصها للماء، ويساعدها على تثبيت وتخزين العناصر الغذائية في الجذور، كما يلعب دورًا في جذب بعض الأحياء الدقيقة المهمة لتحقيق التوازن داخل التربة وإخصابها عن طريق تحويل النيتروجين إلى مركبات نيتروجينية يستخدمها النبات في تكوين البروتين، وهو يمد التربة بالكربون أو يساعدها على تثبيت مخزونها منه، مما يفعّل النشاط الميكروبي عميقًا داخل التربة، وبالتالي تحسين دور النيتروجين.

وبيّن: "الفحم الحيوي يصنع حاليًا بالطرق الحديثة في عدد من دول العالم، ويعدّ من أفضل أنواع السماد الأخضر، إضافة إلى توفيره الحل المثالي لمشكلة القمامة التي تهدد البيئة بمخاطرها المتعددة".

التخلص من المخلفات

وقال زايد عن الفحم المضغوط: "يتم طحن الفحم الحيوي حتى يصل إلى درجة نعومة فائقة (بودرة)، ثم يتم خلطه مع النشا والماء بطريقة معينة ونسب ثابتة، ثم يُكبس في ماكينات مصممة لهذا الغرض بأشكال مختلفة".

وعن العقبات التي واجهته، أوضح زايد: "العقبات كثيرة أولها التكلفة المادية، ثم إيجاد شخص يؤمن بالفكرة ويساعد على تطبيقها، بالإضافة إلى عدم توفر المكان والكهرباء المناسبة لتشغيل الماكينات"، لافتا إلى معاناته من نشر البعض لإشاعات مسيئة لمنتجه لأهداف تجارية.

وبحسب زايد، فإن مشروعه يساهم في تخليص الطبيعة من المخلفات الزراعية التي ينتج عنها مظهر غير جذاب، وفي الوقت أفاد التربة بالسماد ليعيد لها حيويتها وخصوبتها بعدما أنهكتها الحروب والمواد السامة، وبذلك يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد.