قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [179] البقرة.
القصاص تشريع رباني، وإذا طُبِّق هذا التشريع فعندئذ لا يمكن لأحد أن يتجرأ على قتل النفس التي حرّمها الله إلا بالحقّ، وحتى نصل إلى مجتمع سليم خالٍ من جرائم القتل العمد يجب تنفيذ أحكام القصاص في ضوء نصوص الشريعة الإسلامية، ومع إنزال عقوبة القصاص وتنفيذ الأحكام يتم ردع كل من تُسوّل له نفسه من المجرمين الجُناة ارتكاب جرائم قتل.
كما أن شرع الإسلام للقصاص فيه حياة، ويترتب على تطبيق أحكامه حسب القانون سيادة روح العدالة، ومن المعلوم أنّ تنفيذ عقوبة الإعدام من قبل جهات الاختصاص في قطاع غزة تتم بعد استيفاء كل الشروط المتعلقة بتنفيذ الحكم، وبحسب الإجراءات القانونية المنصوص عليها، وبهذا يتم الوصول إلى منظومة قضائية يسودها العدل والإنصاف والمساواة، فعند التنفيذ لا أحد فوق القانون ولا يحق لأي كان التعدي على حرمات الله وإراقة دم المسلم.
وقد شرع الله العزيز الرحيم عقوبات القصاص لتمنع الناس من ارتكاب الجرائم، ولأن مجرد الأمر والنهي لا يكفي بعض الناس عن الوقوف عند حدود الله، أوجبت الشريعة الإسلامية تنفيذ حكم الإعدام وإنزال العقوبات.
إنّ إقامة الحدود والقصاص فيه مصلحة الأمن العام، وصون الدماء، وحماية الأنفس، وزجر الجناة، وفي تنفيذ القصاص كف للقتل، وصيانة للمجتمع، وزجر عن العدوان، وحفظ للحياة، وشفاء لما في صدور أولياء المقتول، وتحقيق للأمن والعدل، وردع للقلوب القاسية الخالية من الرحمة والشفقة، وحفظ للأمة من مجرم يقتل الأبرياء، ويبث الرعب داخل المجتمع، ويتسبب في حزن الأهل، وترمّل النساء، ويتم الأطفال.
ويعد تطبيق العقوبة وتنفيذ الحكم مطلبًا وطنيًا ومجتمعيًا، وهذا مما دعا إليه العمل العشائري في قطاع غزة، حيث طالب الفصائل بالضغط لتنفيذ حكم الإعدام بِحقِّ القتل العمد، وقد جاء ذلك يوم الخميس الماضي عندما استقبلت لجنة المتابعة للقوى الوطنية وفداً يُمثل مكونات العمل العشائري، داعين القوى السياسية والفصائل الوطنية للضغط من أجل إنفاذ الأحكام القضائية بعد إتمام الإجراءات والشروط المتعلقة بها، خاصة الصادرة بحق عدد من الجناة بالقتل العمد في القضايا الوطنية كالتخابر مع العدو الصهيوني والقضايا المجتمعية كجرائم القتل التي تقع نتيجة المشاكل والخلافات بين العائلات، والتي يذهب ضحيتها أرواح من الأبرياء، لذلك تنفيذ الأحكام يُشكِّل رادعًا لكل من تُسوّل له نفسه ارتكاب جريمة القتل والتجرؤ على دماء الأبرياء.
ومن هذا المنطلق وصونًا للحق في الحياة مع الحفاظ على أمن واستقرار المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة ينبغي للجهات القضائية سرعة الاستجابة وعدم تجاهل المطلب الشعبي والوطني المتمثل في تنفيذ الأحكام القضائية النهائية والباتة وفقًا للقانون والنظام بِحقِّ الجناة، وفي ذلك حماية للمجتمع من التغول على الدماء، وبه يتحقق السلم الأهلي والمجتمعي والاستقرار الأمني الذي ينعم به قطاع غزة.