فلسطين أون لاين

الأقصى يستغيث.. فمن ينصره؟!

في ظل ما تتعرَّض له مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك من اعتداءات واقتحامات مُتكرِّرة وتدنيس لباحاته المُقدّسة من قِبل الصهاينة والمستوطنات، نشهد إزاء ما يحدث صمت إسلامي وتطبيع عربي صهيوني، يُضاف إليه تخاذل وصمت السلطة الفلسطينية المُريب، الذي يشكو منه حال الأقصى الأسير وهو يُدنّس على مرأى ومسمع مِن قيادتهم السياسية وكأنّ لسان حاله يقول مُخاطبًا صمتهم وتخاذلهم: "كل المساجد طُهِّرت وأنا على شرفي أُدنَّس"، ولعلّ استغاثة المسجد الأقصى لِمن ينصره ويدفع عنه أذى ونجاسة بني صهيون في تلك المرحلة قد طال أمده؛ بسبب فساد واستبداد وتنسيق سلطة فتح محمود عباس التي تقمع وتُحارب المقاومة المسلحة وتعتقل كل من يتبنّى مسارها، ولا تزال تُمارس العنجهية وتُحكم قبضتها الأمنية على الأحرار والشرفاء في الضفة الغربية المحتلة مُتجاهلة بأفعالها وسياساتها النكراء استغاثة المسجد الأقصى. 

إنّ الحال الذي وصل إليه المسجد الأقصى، وقد اتَّسع الجُرح داخل باحاته واشتدّ القهر والظلم على أبوابه يتطلب حراك شعبي داخل الضفة الغربية المحتلة ومعه رد وطني فلسطيني فصائلي مِن على كل المستويات وبمختلف الوسائل والطرق الرادعة للاحتلال الصهيوني، فلا يُعقل أن نرى المسجد الأقصى يصرخ ويستغيث ويستنصر بفاتحٍ جديد يُحرِّره كصلاح الدين الأيوبي، ونحن صامتون لا نُحرِّك ساكنًا في جبهات المواجهة مع الاحتلال.

في هذا التوقيت الذي تشهد فيه دولتنا المحتلة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك الـ53 على يد المُتطرف الصهيوني من أصل أسترالي دينس مايكل روهان، يصول الصهاينة في الأقصى وتجول في ساحات القدس وتقتحم باحات المسجد الأقصى وتُدنِّسه "مُستوطنة صهيونية قذرة" وذلك وسط حراسة مُشدَّدة من قوات الاحتلال الصهيوني، والأشد قهرًا ما نشرته من صورٍ  لها على حسابها انستجرام عبر منصات التواصل الاجتماعي وبأعلى درجات الحقارة والوقاحة والقذارة والانحطاط، صور مخزية مُسيئة، فيها إهانة ونجاسة لطهارة وقدسية المكان، صور فاضحة ومُستفزة لمشاعر الفلسطينيين والمقدسيين والملايين من المسلمين حول العالم العربي والإسلامي، ولعلّ السؤال الموجّه لهم كمسلمين ينظرون لاقتحام وتدنيس الأقصى بأعينهم، ماذا بِوسعهم أن يفعلوا، وماذا عن ردَّة فعلهم، بلا شك، لا شيء كما العادة!

هذا العالم الذي لم يعُد يُستفز لانتهاك حُرمات المقدسات الإسلامية، وكأنّهم بهذا الصمت المريب والتخاذل والتهاون الذي مسّ عقيدة المسلمين قد فرّطوا بالقدس والأقصى، وتركوه وحيدًا يئِنُّ تحت وطأة الاقتحامات الصهيونية المتواصلة من قِبل المستوطنين وعلى مرأى ومسمع رؤساء الدول العربية والإسلامية.

مع كل هذا الهوان والألم والقهر الذي أصاب الفلسطينيين على وجه التحديد من جرّاء قيام الصهاينة والمستوطنات القذرات اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ثقتنا بالله عز وجل أولًا بأنَّ هذا الإجرام الصهيوني بِحقِّ القدس والأقصى والمقدسات الإسلامية لن يطول وإلى زوال عمّا قريب بإذن الله تعالى، ومن ثم ثقتنا وعهدنا بالمقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسّام الذراع العسكري لحركة حماس التي عرفناها بالحافظة لعهد الوطن، الحامية للثوابت الفلسطينية المُقدسة، الوفية بالوعد الحقّ بتحرير القدس والأقصى مِن دنس الصهاينة الغاصبين والمعتدين الذين رضخوا راكعين في جولات المواجهة العسكرية الماضية، وتحديدًا في معركة سيف القدس 2021، عندما اقتحم الصهاينة المسجد الأقصى ورفعوا الأعلام الصهيونية في باحاته وقاموا بتدنيسه واعتدوا على الأحياء المقدسية كحي الشيخ جرّاح، كانت تنهال عليهم ضربات ورشقات الثأر والانتقام للقدس والأقصى قِبلة المسلمين الأولى لمدة أحد عشر يومًا، هؤلاء الأبطال الذين بذلوا أرواحهم فداءً للقدس والأقصى وضحُّوا بأغلى ما يملكون تُرفع لهم الهامات.