تثير تعيينات السلطة أبناء قياداتها ووزرائها سفراء لدولة فلسطين حول العالم، حالة من السخط الكبير بين فئات المواطنين، باختلاف أطيافهم السياسية والاجتماعية.

ولا يقتصر الأمر على تعيينات من يصفونهم بأنهم "عظام الرقبة"، بل يرافق ذلك صرف مرتبات ونثريات مرتفعة ماليًا، في وقت تدعي السلطة أنها تعاني أزمة مالية، وتفرض عقوبات على غزة شملت قطع الرواتب، والتقاعد الإجباري، وغيرهما.

وبحسب تقارير محلية أوردت أرقامًا تتعلق برواتب العاملين في السلك الدبلوماسي حسب قانون الخدمة المدنية، فإن السفير يتقاضى راتبًا أساسيًا قدره 4940 شيقلاً (الدولار يساوي 3.38 شيقلاً) إضافة إلى علاوة طبيعة العمل وتقدر بـ 4051 شيقلاً، وعلاوة دولية سنوية بنسبة 74 شيقلاً، وعلاوة التمثيل المقدرة بـ 2970 شيقلاً، ليصل إجمالي ما يتقاضاه السفير 13941 شيقلاً.

وبشأن منصب المستشار الأول للسفير، فهو يتقاضى إجمالي راتب بنحو 10600 شيقل شهريًا، منها 4620 شيقلاً بشكل أساسي و3696 شيقلاً علاوة طبيعة العمل وعلاوة دورية سنوية، و57 شيقلاً وعلاوة التمثيل 2310 شواقل.

أما مستشار السفير فهو يتقاضى راتبا يصل في مجمله إلى 9279 شيقلا.

ويتقاضى السكرتير أول راتب أساسي بـ 3740 شيقلا، و2283 شيقلا بدل علاوة عن طبيعة العمل، و46 علاوة سنوية، و1870 شيقلا بدل علاوة التمثيل، ليصل إجمالي الراتب إلى 7893 شيقلا.

أما السكرتير الثاني فيصل راتبه الإجمالي إلى 7106 شواقل، في حين أن السكرتير الثالث يتقاضى راتبًا إجماليًا 6375 شيقلاً.

ويصل راتب ملحق السفارة الفلسطينية لـ 5266 شيقلاً شهريًا.

اقرأ المزيد:اقتصاديون: زيادة الإنفاق على السفارات هدر جديد للمال العام
 

غياب الرقابة

وقال عضو التجمع الوطني الديمقراطي عمر عساف، إن ملف تعيينات "عظام الرقبة" في السفارات يكشف عن مدى استمرار السلطة في حالة الغرق بالفساد.

وأضاف عساف لصحيفة "فلسطين" أن حالة الفساد تصل إلى كل مناحي المستوى السياسي في السلطة.

وأشار إلى أنه بسبب عدم المتابعة فإن هذه التعيينات بعيدة عن أي رقابة، وغالبًا تأتي في صالح "عظام الرقبة".

ونبَّه إلى عدم منطقية الحديث عن أزمة مالية وتقشف وتقليصات في رواتب الموظفين، تزامنًا مع بعثرة الموارد في اتجاهات تخدم مصالح المقربين من السلطة.

مصالح فردية وحزبية

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية والقانون د. أمجد شهاب، إنه "للمرة الأولى في تاريخ الأنظمة السياسية في العالم يتم تعيين السفير بناءً على الانتماء السياسي أو لأنه مقرب من أجهزة أمنية، كما يحصل في السلطة.

وبيَّن شهاب لـ "فلسطين" أن القانون الأساسي الفلسطيني وقانون السلك الدبلوماسي يشترط لتعيين السفير أن يكون صاحب تجربة سياسية وتدرج وظيفي ولغة الدولة التي سيذهب إليها ومعلومات كافية حولها والسياسة التي تتبعها وموقفها من القضية الفلسطينية.

"لكن ما يحدث اليوم في السلطة، يتم تعيين أشخاص أقارب قيادات ووزراء في السلطة، دون المستوى المطلوب، حتى أن بعضهم لا يملك لغة الدولة التي يعمل فيها سفيرًا، ووصف ذلك بأنه "كارثة تأتي ضمن خدمة مصالح فردية حزبية".

وشدَّد على أن وزارة الخارجية الفلسطينية ودبلوماسيتها بحاجة إلى إعادة ترميم وهيكلة وإصلاح في ظل استمرار استنزاف مواردها دون مردود إيجابي على قضيتنا الوطنية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي فهمي شراب، إن "كثيرا ممن يطرقون أبواب السفارات الفلسطينية من الرعايا والأفراد ليستفسروا ويسألوا يصدون ويواجهون بأناس جهلة ذوي ضحالة في العلم والدين وعديمي ثقافة ولا يمتون للأصالة الفلسطينية بصلة، حتى أن منهم من لم تطأ قدمه أرضًا فلسطينية على الإطلاق".

وأضاف شراب لـ"فلسطين": إن "انطباع الفلسطينيين المقيمين في الخارج أسوأ ما يكون عن السفارات، حيث يصطدم الفلسطيني بأن سفارته ليست عاجزة فقط عن المساعدة ولكن أيضًا موظفو السفارة عديمو أخلاق، وشلة زعران قذفت بهم أيدي الفاسدين إلى أفضل الأماكن وأكثرها نفوذًا وقوة، فالفاسد لا يأتي إلا بفاسد، والجاهل لا يأتي إلا بجاهل ليغطي عليه ويكون سترا وغطاء لسلوكيات رئيسه في العمل".

وأوصى شراب بضرورة الإصلاح الجذري وتغيير نسبة كبيرة من طواقم السفارات خدمة للمشروع الوطني، عادًّا أن الوقت دائمًا مناسب والانتكاسة التي تشهدها الدبلوماسية الفلسطينية أمام نجاح "الموساد" و"الحركة الصهيونية" في التغلغل في الدول تنبئنا بطبيعة الأداء الفلسطيني الرديء والمفلس.