فلسطين أون لاين

تزايد المخاوف الإسرائيلية من اقتراب حقبة "ما بعد عباس"

لا ينفك الإسرائيليون في الآونة الأخيرة يبحثون مستقبل الوضع في الأراضي الفلسطينية في حال تم طي صفحة رئيس السلطة محمود عباس، حيث تتزايد تقديراتهم بخصوص بدء العد التنازلي لبدء هذه الحقبة الحساسة والخطيرة على الأمن الإسرائيلي، فاليوم التالي لغياب عباس قد يحمل في طياته نهاية لنموذج الحكم الذاتي، وما يعنيه من تعاون أمني.

مع أن الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية، تؤكد أن "اليوم التالي لأبو مازن" بات موجودا بيننا، بعد انتشار مظاهر الفراغ الحكومي في بعض مناطق الضفة الغربية، مما شكل مصدر قلق لسلطات الاحتلال، بالتزامن مع زيادة المظاهر المسلحة من مختلف التنظيمات، مما يحتم النظر لمستقبل اليوم التالي لغياب "الرئيس"، فما تشهده الأراضي الفلسطينية عملية متدحرجة تشير لضعف السلطة، التي منحها الاحتلال القدرة الذاتية على إدارة المستوى المعيشي للفلسطينيين مقابل التعاون الأمني معها​​.

لكن هذا النموذج الإسرائيلي المفضل تم تقويضه بشدة، خاصة بعد موجة العمليات الفدائية الأخيرة التي ضربت الاحتلال عشية شهر رمضان، وحينها رصدت أجهزته الأمنية تزايد ما تصفها بـ"البؤر" في الضفة الغربية، التي تنتج مظاهر تحدي لحكم السلطة، وفي الوقت ذاته تمارس تخويفها على الاحتلال من خلال الهجمات المسلحة، مع أن نشوء هذه "البؤر" بعد مضي ما يقرب من عقدين على انتهاء الانتفاضة الثانية، من شأنه أن يقوض أسس الاستراتيجية الإسرائيلية التي حافظت على واقع أمني هادئ رغم غياب العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية. 

إن ظهور "جيوب" انعدام سيطرة السلطة في الفضاء الفلسطيني، وتعزيز ثقل الأحزاب المحلية بأجندة معادية للاحتلال، والفجوة القائمة بين الفصائل والسلطة، يمثل تحديًا كبيرًا للأخيرة والاحتلال معًا، ففي هذه الحالة يصبح سيناريو تفكك السلطة معقولاً وملموسًا في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الحالية التي تشهد على عمليات تآكل نفوذها، وفي ظل هذه الظروف، ستزداد احتمالية الاحتكاك المتزايد مع الاحتلال، مع الجيش والمستوطنين معاً.

هذا التخوف الإسرائيلي ينعكس مباشرة على الواقع الأمني للجيش والمستوطنين، لكن خشية الإسرائيليين تمتد للنواحي السياسية، فنشوء هذه الظواهر في الأراضي الفلسطينية من شأنه أن يعيد القضية الفلسطينية لمركز السياسة الإقليمية والدولية، مما يعني تحويل الطاقات والجهود عن ترسيخ شرق أوسط جديد يقوم على التطبيع والتعاون الاقتصادي.

هذا الوضع الحرج يزيد المطالبات الإسرائيلية بضرورة الاستعداد الأمني تحسبا لاستيقاظهم فجأة على خبر يفيد بغياب عباس عن المشهد، الأمر الذي يستدعي من الاحتلال التفكير بشكل استراتيجي في كيفية تقليل الأضرار الناجمة عن ذلك، خاصة على صعيد الاستقرار الأمني في الضفة الغربية.