بعد خمس سنوات من الامتناع عن الاجتماعات العامة بين الملك الأردني عبد الله الثاني والمسئولين الإسرائيليين، فقد استضاف الأخير رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، بعد أن تجنب لقاء رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو في السنوات الثلاث الأخيرة من ولايته، فيما عقد لقاءً غير معلوم مع رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت.
مع العلم أنه يمكن للإسرائيليين والأردنيين على حد سواء أن يفهموا دوافع لابيد، الذي يواجه زعيم الليكود نتنياهو في الانتخابات المبكرة الخامسة، حيث يسعى الأخير لتقديم نفسه للناخب من خلال تجربته الغنية كرجل دولة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فيما يسعى لابيد لأن يثبت لذات الناخب أنه مقبول في صفوف قادة الدول التي تعتبر العلاقات معها حيوية بالنسبة لدولة الاحتلال، ومن أهمها الأردن.
تتحدث المحافل الإسرائيلية أن اجتماع لابيد بالملك الأردني تأتي استكمالا للقاءاته الأخيرة مع عدد من زعماء المنطقة والعالم، خاصة عند زيارة بايدن، صحيح أنها كانت مهمة بالفعل لدولة الاحتلال، لكنها لا تقل أهمية على المستوى الشخصي لـ"لابيد"، وكذلك محادثاته مع ماكرون، واتصالاته الهاتفية مع عدد من القادة العرب.
ملك الأردن من جهته التقى مع لابيد لأن الاجتماع يخدم أهدافه السياسية، فهو يتعامل مع واقعه الداخلي، لأن أكثر من نصف سكان المملكة يعارض اتفاق التسوية مع الاحتلال، والتطبيع معه، لكن قراءة الخبر الصادر عن القصر حول الاجتماع، وتعميمه على وسائل الإعلام الأردنية والشبكات الرقمية، يظهر اهتمام الملك شخصيا بالموضوع الفلسطيني.
توقف الإسرائيليون كثيرًا عند ما اعتبروه "الصيغة الأردنية الكاملة" لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي قدمها الملك الأردني لــ"لابيد"، وتقوم على الحاجة إلى أفق سياسي لحل سياسي عادل وشامل ومستدام على أساس الدولتين، مع التأكيد على أن الفلسطينيين جزء من الأمن الإقليمي والتنمية، ولذلك تعتقد المحافل الإسرائيلية أن الملك الأردني ربما يكون حذّر لابيد بأنه لا ينبغي أن يتلاعب بتجاوز الفلسطينيين في إطار اتفاقيات التطبيع، أو فكرة حلف الناتو الإقليمية.
في الوقت ذاته، توقف الإسرائيليون عند تأكيد المضيف الأردني خلال لقائه مع لابيد على موضوع القدس أتى للحفاظ على وضعها القانوني والتاريخي الراهن، بجانب قضايا المياه والطاقة.
واضح كما تشير الأوساط الإسرائيلية أن الملك الأردني في لقائه مع رئيس وزراء الاحتلال، كرّس معظم مباحثاته للقضية الفلسطينية، ولعله أراد الإشارة إلى أن انخراط الأردن في البرامج الإقليمية المختلفة التي تشارك فيها دولة الاحتلال يعتمد على مشاركة الفلسطينيين، رغبة منه بعدم تجاوزهم كي لا يتأثر الأردن بأي ترددات للغضب الفلسطيني في الضفة الغربية ردا على الاحتلال.