موجة عارمة من الاستنكار تجتاح الأراضي الفلسطينية ضد جريمة محاولة اغتيال الدكتور ناصر الدين الشاعر الأستاذ في جامعة النجاح الوطنية. كل فصائل العمل الوطني والإسلامي استنكرت العمل الإجرامي، وكذا الأكاديميون، ورجال الإعلام، والمواطنون، ولم أقف على استنكار لرجال السلطة وقادة الأجهزة الأمنية. غياب موقف عملي للسلطة ضد جريمة محاولة الاغتيال يضع السلطة، وبعض المتنفذين في الأجهزة الأمنية في خانة الاتهام والتحريض.
أصيب الدكتور ناصر الشاعر، نائب رئيس الوزراء في حكومة فلسطين العاشرة التي ترأسها إسماعيل هنية في ساقه، فلم تكن الإصابة قاتله بحمد الله ورعايته. قرأ ناصر الشاعر في العدوان عليه أنه عدوان على الوحدة الوطنية، وأنه محاولة لزرع الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب، لذا أهاب بالمسؤولين في السلطة إلى إلقاء القبض على المجرمين ومحاسبتهم على جريمة تمزيق الوطن والشعب، وطالب أهله ومحبيه بالصبر، وتفويت الفرصة على المجرمين.
بعض التعليقات على الحدث في وسائل التواصل الاجتماعي أشارت بأصابع الاتهام لشباب منفلت من فتح تلقوا تعليمات من جهات أمنية عالية المستوى. فصائل الشعب ورجالات الضفة ينتظرون نتائج التحقيق في الاعتداء، ومعرفة أسبابه ودواعيه، والجهة المسؤولة عنه. الفصائل تتحدث عن خطر أوسع يهدد السلم المجتمعي في نابلس والضفة إذا أفلت المعتدون من العقاب. وهنا يستذكر المواطنون عملية قتل الناشط السياسي نزار بنات، الذي تحول مقتله على يد رجال من الأمن الوقائي والمخابرات إلى قضية رأي عام، ولم تسمح قيادة السلطة للقضاء بمعاقبة القتلة، وما زالت قضية نزار علامة على غياب الأمن، وعلى وجود بذور للفلتان الأمني!
من يقاربون مقتل نزار، ومحاولة قتل ناصر الشاعر يجدون تشابهًا بينهما وتقاربًا، ويخشون من حفظ الملف ضد مجهول، ومن إفلات المجرمين من العقاب بتغطية من جهات رسمية!
ما تحدث به ناصر الشاعر الجريح عن الوحدة الوطنية بعد محاولة اغتياله هو شيء مهم ومفيد، وفيه تهدئة للنفوس، وجمع للصف، ولكن لا يكون لهذا الكلام جدوى إذا أفلت المعتدي من الحساب والعقاب.
إن القفز عن الحقوق الفردية والحزبية في الأمن يولد ظاهر الرد والانتقام، وأخذ كل طرف مسؤولية الدفاع الذاتي بيده، ومن ثمة يحترق السلم المجتمعي، وتفقد أجهزة الأمن دورها ومكانتها بين المواطنين. المجتمع يستعيد توازنه في مثل هذه الحالات بالعدالة والقصاص، (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون). القصاص هو في يد السلطة بداية، فإذا لم تقم بواجباتها خرج من يدها لغيرها، وهنا مكمن الخطر! فما موقفها؟!