فيما أعلن منسق عمليات حكومة الاحتلال موافقة وزير الحرب بيني غانتس على سلسلة من التسهيلات للسلطة الفلسطينية، بناء على طلب أمريكي، فقد أثار ذلك صدمة وغضباً في أوساط اليمين الإسرائيلي.
مع أن التسهيلات الإسرائيلية جاءت بعد لقاء غانتس برئيس السلطة محمود عباس، تمهيدا لزيارة الرئيس بايدن للمنطقة، إضافة لإجراءات أخرى يتم دراستها هذه الأيام، ومنها زيادة 500 تصريح سفر للخارج عن طريق مطار بن غوريون، و200 تصريح لزيارة مدينة إيلات المحتلة، وتوسيع ساعات عمل معابر برطعة والجلمة وجسر اللنبي، والادعاء بأن الفلسطينيين في قطاع غزة سيتم منحهم 400 تصريح زيارة للقدس المحتلة، عقب مرورهم بالفحص الأمني.
يمكن في هذه العجالة رصد جملة من ردود الفعل اليمينية الإسرائيلية الغاضبة على هذه التسهيلات، ومنها أن الحكومة الحالية لا تحافظ على الضفة الغربية المحتلة، من خلال الاستمرار في المشاريع الاستيطانية، وترسيخ الهوية اليهودية المزعومة فيها، بسبب تركيبتها اليسارية المكونة من لابيد وغانتس وساعر وميخائيلي، وهم زعماء أحزاب الائتلاف الحاكم، الذي لا يعيش أفضل أيامه، خاصة بعد استقالة رئيسه السابق بينيت.
وزعمت أوساط أخرى من صفوف المعارضة أن ما وصفتها بـ"إجراءات بناء الثقة" مع السلطة الفلسطينية تأتي على حساب دولة الاحتلال والإسرائيليين، والادعاء بأنه حان الوقت للعودة للسياسة الصحيحة المرهونة باستخدام القوة، والقوة فقط، وفي الوقت ذاته إبقاء القضية الفلسطينية بعيدًا عن الأجندة الإقليمية.
تتوعد المحافل اليمينية الإسرائيلية أنه عندما تعود للسلطة بعد انتخابات نوفمبر، ستوقف التسهيلات المزعومة، مطالبة غانتس ورفاقه بالاستقالة، بادعاء أنهم لا يمثلون الجمهور اليهودي، وفي الوقت ذاته توجه دعوتها لوقف تجميد البناء الاستيطاني لليهود، زاعمة أن ذلك يلحق العار بحكومة الاحتلال.
اليمين الإسرائيلي صبّ جام غضبه على لابيد وغانتس تحديدًا، لأنهما في إجراءاتهما تجاه الفلسطينيين يتبعان سياسة يسارية تضر بأمن الدولة من أجل إرضاء بايدن، على حد ادعاء هذا اليمين، مما سيسفر عن قلق بشأن مصلحة الدولة، واصفين غانتس بأنه يتصرف بشكل متساهل وغير مسؤول، تحت مسميات خطوات بناء الثقة تجاه من يدعون لتدمير دولة الاحتلال، مما يجعل الإسرائيليين يقعون تحت سطوة مهزلة الانتخابات، رغم أنها إجراءات تهدد دولتهم، وتضر بشدة بمصالحها الصهيونية والديموغرافية والأمنية، وفق المزاعم الإسرائيلية.
الخلاصة أن جزءًا أساسيًّا من هذه الإجراءات الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية تأتي كونها مصابة بالرعب من ارتفاع نسبة تأييد لنتنياهو، ولذلك فإنها تتبع إجراءات توصف بأنها "هدّامة" تجاه الناخبين الإسرائيليين، وينشغل وزراؤها بإنقاذ بقايا حياتهم السياسية، فقط ليس أكثر!