فلسطين أون لاين

تقرير الركض وراء سراب أمريكا.. السلطة لم تستخلص عبرة الفشل السياسي منذ ربع قرن

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

عساف: دلالة على إفلاسها على كل الأصعدة وانفصالها عن شعبها
عرابي: لقاء "بايدن – عباس" زيارة ترضية تخلو من المضمون السياسي

رغم مسار سياسي استمر منذ ربع قرن فشل في الوصول لخيار ما يسمى بـ "حل الدولتين" الذي اعتبرته السلطة خيارها السياسي الوحيد، فإنها ما زالت تُعوّل على الدور الأمريكي في تحقيق هذا الخيار الذي أصبح "ميتا" بحكم الإجراءات الإسرائيلية على الأرض من ابتلاع أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية وتصاعد الاستيطان وتهويد القدس، لتكون أشبه بمن يركض "وراء سراب". حسب وصف محللين سياسيين.

ووصل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أول من أمس، إلى (تل أبيب)، وسط فلسطين المحتلة، لتكون أول محطة في جولته التي ستمتد لأيام، والتي من المقرر أن تشمل أيضًا الضفة الغربية المحتلة والسعودية.

ومن المقرر أن يلتقي بايدن برئيس السلطة محمود عباس، اليوم الجمعة في بيت لحم، لمدة لا تزيد على الساعة بعد اختتامه لقاءاته التي تستمر على مدار يومين كاملين مع مسؤولين في كيان الاحتلال.

اللافت حسب ما زعمه موقع "واينت" العبري، وجود خلاف أمريكي - فلسطيني حول صياغة البيان المشترك، الذي سيصدر في ختام اجتماع "عباس- بايدن"، ما يعكس عدم رضا السلطة عن فحوى البيان وإصابتها من جديد بالخذلان من الانحياز الأمريكي للاحتلال. 

وسابقا عولت السلطة على الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الذي رعى اتفاق أوسلو عام 1993 لكن الاحتلال لم يلتزمه حيث أُرجئت بعض القضايا إلى ما يعرف بمفاوضات الحل النهائي؛ ما سبّب مأساة في القضية الفلسطينية، وكان السبب بما تعيشه القدس الآن، ثم عولت على جورج بوش الابن الذي استمرت ولايته بين (2001 – 2009) وتوسع الاستيطان في عهده وشيد الاحتلال جدار الفصل العنصري، وعوَّلت السلطة على الرئيس باراك أوباما الذي استمرت ولايته (2008 – 2017) واعتقدت أنه سيقوم بـ"حل الدولتين" إلا أنها تلقت صفرا كبيرا.

قبل تولي بايدن، اصطدم مسار السلطة بما عرف باسم "صفقة القرن" في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي تولى الرئاسة الأمريكية عام 2017، وما زالت تراهن على بايدن الذي تولى الرئاسة عام 2020 الذي يأتي بصفقة تصفية جديدة للقضية الفلسطينية ولكن عبر البوابة الأمنية وإقامة حزام أمني عربي حول الاحتلال.

لقاء برتوكولي

لقاء  "عباس - بايدن" ليس أكثر من لقاء برتوكولي يجري في بيت لحم حيث يزور بايدن كنيسة المهد في تقدير الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، لافتا إلى أن عباس يرى في هذا اللقاء إضفاء وتعزيزا للشرعية التي يفتقدها عمليا منذ 12 سنة وربما يسعى من هذا اللقاء للحصول على بعض المساعدات المالية للسلطة وبعض التسهيلات الإسرائيلية في سياق "السلام الاقتصادي".

وقال عساف في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إن القضايا الرئيسة: الأرض والاستيطان واللاجئين والقضايا السياسية ليست في جدول أعمال بايدن، معتبرا تسويق عبارة التمسك "بحل الدولتين" هو مجرد "ذر الرماد في العيون" خصوصا أن بايدن قال، إن الحل ليس واردا في هذه المرحلة.

وأضاف: إن "السعي وراء الإدارة الأمريكية هو استمرار في الركض وراء السراب، فبعد ربع قرن لم "تستخلص سلطة أوسلو العبرة من كل الدمار الذي سببه هذا المسار لشعبنا وشأنها شأن كل من راهن على الولايات المتحدة لم يحصد إلا الوهم، وآخرها كان حكومة أفغانستان، وهذا ما حصده ويحصده فريق أوسلو". 

ويعتقد أن استمرار السلطة بالتعويل على أمريكا، دلالة أن السلطة وصلت إلى حد الإفلاس على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو مؤشر على أن هذه السلطة انفصلت عن شعبها وتضحيات شهدائه ومناضلي ومعاناة الأسرى وأنها تواصل ذات الطريق وهو طريق التفريط والتنازلات المجانية.

التعويل على الدور الأمريكي إشارة إلى أن السلطة لا تريد وحدة وطنية ولا تريد تغييرا في هذا النهج المدمر الذي ألحق بشبعنا أفدح الأضرار من حيث التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي وتراجع مكانة القضية الفلسطينية على المستوى الدولي وفتح الطريق أمام المطبعين العرب للانخراط في مسار التطبيع الاستسلامي، وفق عساف.

لقاء شكلي

لا يعدو لقاء عباس وبايدن في نظر الناشط السياسي ساري عرابي، أبعد من كونه لقاء شكليا، إذ حرص بايدن أن لا يعطي الزيارة أكثر من مضمونها السياسي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وواضح أن أهدافها أمريكية تعلق بالاقتصاد وارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى أنه أراد أن يعطي انطباعا أن الهدف من الزيارة الحفاظ على الأمن الإسرائيلي وتعزيز علاقات التطبيع بين الاحتلال والعديد من الدول العربية.

ويعتقد عرابي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تحمل أي أفكار جديدة بخصوص الدفع بالعملية السلمية أو حتى أي حل للقضية الفلسطينية، ولا تشكل القضية أولوية للإدارة الحالية، معتبرا لقاء "بايدن – عباس" بزيارة ترضية حرصت أمريكا على أن تبدو ذات طابع إنساني أكثر من سياسي.

ويرى أن التعويل على الإدارات الأمريكية والحكومات الإسرائيلية والمؤثر الاستعماري الخارجي مسار فشل تماما، وأفضى إلى واقع فلسطيني مسدود، لافتًا إلى أنه لا يمكن التعويل إلا على القوة الذاتية الفلسطينية، فإذا لم يملك الفلسطينيون أدوات قوة تضغط على تلك القوى فلن يكون لديهم أي دافعية لتقديم أي شيء، وهكذا يدفع الفلسطينيون ثمن السياسة الخاطئة بالرهان على الدور الأمريكي.

وعن استمرار السلطة بالتعويل على الدور الأمريكي، يعتقد أنه ليس لديها أي سياسات أخرى، لكونها اتخذت من الحل السلمي مسارا سياسيا وحيدًا، ثم عطلت القدرات الذاتية للشعب الفلسطيني، وعطلت النضال ومقاومة الاحتلال وأفضى واقعها في ظل الاحتلال لارتباط عضوي بينهما ووجود نخبة بالسلطة بلا أفق سياسي، ويبدو أن السلطة تخلت عن أي طموحات سياسية وأصبحت ذات وظيفة إدارية وأمنية واقتصادية في الواقع الفلسطيني.

المصدر / فلسطين أون لاين