شكّل إعلان جيش الاحتلال إحباط هجوم لحزب الله على منصة استخراج الغاز من حقل "كاريش"، باعتراضه ثلاث طائرات مسيرة تابعة له كانت في طريقها إلى منصة استخراج الغاز من حقل كاريش عند الحدود البحرية؛ إيذانًا بدخول التصعيد بينهما مرحلة متقدمة، لا سيما بعدما أعلن الحزب مسؤوليته عن إطلاقها، وأنها كانت في مهمة استخبارية، وأن "الرسالة وصلت".
صحيح أن هذه الطائرات لم تكن هذه المرة مزودة بذخيرة، وأسقطتها بصواريخ اعتراضية سفن البحرية الإسرائيلية، لكن التقدير الإسرائيلي يرى أنها محاولة لاستهداف منشآته، والإضرار بالمفاوضات الجارية على الحدود البحرية مع لبنان بوساطة أمريكية.
مع العلم أن هجوم الحزب دفع جيش الاحتلال لدراسة الرد عسكريًّا عليه، وسط مخاوفه من محاولته في المرة القادمة إرسال موجة كبيرة من الطائرات دون طيار، وسط تقدير بأن يرسل في المرة القادمة طائرة دون طيار محملة بالمتفجرات، صحيح أن مثل هذا الإجراء لا يشكل تهديدًا كبيرًا لآلات الحفر، لكنه سيفقد العاملين في الحفر الشعور بالأمان.
تزعم محافل جيش الاحتلال أنه توافرت لديها معلومات مسبقة عن إقلاع طائرات مسيرة من لبنان، وبناء عليه رفعت حالة الجاهزية والاستعداد في سلاحي الجو والبحرية لاعتراضها، وسط خلافات لبنانية إسرائيلية تصاعدت أخيرًا بعد بدء الاحتلال عملية استخراج الغاز من حقل "كاريش" عند الحدود البحرية بين فلسطين ولبنان، وسط اتهامات الأخير لكيان الاحتلال بسرقة حصته من الغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
من الواضح أن خطوة الحزب تشكل قفزة نوعية في المواجهة الدائرة حول حقل كاريش، وكفيلة بأن تدحرجها إلى مرحلة متقدمة من التصعيد الثنائي، لكونها تتزامن مع حالة التوترات القائمة في المنطقة: تعثر المفاوضات النووية الإيرانية من جهة، وزيادة الضربات الإسرائيلية للأهداف في داخل سوريا من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة إمكانية تصدير كيان الاحتلال أزمته السياسية المستحكمة إلى الخارج، بافتعال مواجهة مع الحزب.
في الوقت ذاته يدرك الحزب تمامًا أن أي تحرش بالكيان في هذه المرحلة الحساسة قد يضطره إلى دفع أثمان باهظة في الداخل اللبناني على صعيد بنيته التحتية، والدمار الذي قد تحدثه أي هجمات إسرائيلية للرد عليه، وقبل ذلك قد تؤدي خطوة الحزب إلى نشوب توترات لبنانية داخلية، لا سيما بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، وتراجع معسكره، وتعالي أصوات التيار الفائز، وعودة الحديث اللبناني مجددًا عن قرار الحرب والسلم.
اللافت أن هذا التطور الميداني بين الحزب والاحتلال يتزامن مع تسليط الضوء الإسرائيلي على قدرات الحزب البحرية، وفرق الكوماندوز التي خصصها للدفاع عن الحدود البحرية، ما قد يزيد الأنظار باتجاه الشواطئ اللبنانية والفلسطينية التي قد تشهد مثل هذه المواجهة.