أما وقد حقق يائير لابيد حلمه الذي عمل عليه منذ أكثر من عقد من الزمن، وأصبح رئيسا لحكومة الاحتلال، فمن المتوقع أن يواجه في الأيام الـ120 المتبقية له إلى حين إجراء الانتخابات المبكرة الخامسة في نوفمبر، عددًا من التحديات الداخلية والخارجية، مع فرضية أن يحاول تصوير نفسه زعيما قادرا على تهدئة العاصفة الحزبية التي تمر بها دولة الاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى توقع أن يواصل سياسة سلفه نفتالي بينيت الذي سلمه مفاتيح الحكومة في خطوة مفاجئة.
تتفاوت التحديات التي ستعترض لابيد في مهمته الجديدة، لأنها كفيلة برسم صورة أقرب للدقة عن إدارته الحكومية، وستترك بالتأكيد آثارها في حجم التصويت لحزبه في الانتخابات المقبلة، مع العلم أن هذه التحديات تبدأ بعيدا من الملف النووي الإيراني إلى قضية الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة، وبينهما العلاقة مع السلطة الفلسطينية، والتطبيع مع الدول العربية، والتوتر الأمني مع لبنان وسوريا، فضلا عن تبعات الحرب الأوكرانية المتواصلة.
في المقابل يدرك لابيد جيدا أن بانتظاره حملة عدوانية لا رحمة فيها يخطط لها بنيامين نتنياهو ضده، بدأت على الفور حين رفض اللقاء به، واكتفى بتهنئته هاتفياً، إلى هذا الحد! ما يفسح المجال لمعركة حامية الوطيس بينهما.
تتحدث المحافل الإسرائيلية أنه في الملفات الأمنية والسياسية من المتوقع أن يواصل لابيد سياسة بينيت ذاتها، لأنهما صاغاها معًا، مع بعض اللمسات الشكلية الخاصة بشخصية كل منهما، ولكن دون حدوث تغييرات جذرية في القضايا الجوهرية، ولا سيما فيما يتعلق بزيادة مستوى التطبيع مع عدد آخر من الدول العربية، ورفع مستوى التنسيق الأمني والاتفاقيات الاقتصادية معها، وصولا إلى صياغة تحالفات عسكرية في المنطقة، تكون فيها دولة الاحتلال عنصرا أصيلا، مع كامل الأسف والحزن على هذا الواقع الأليم!
عند الحديث عن مستقبل العلاقات مع السلطة الفلسطينية، من المتوقع أن يسعى لابيد لتوسيع التنسيق الأمني معها، وزيادة المنح الاقتصادية والمعيشية، بعيدا عن أي حديث سياسي، فنحن أمام حكومة انتقالية من جهة، ومن جهة أخرى لا يبتعد لابيد كثيرا عن سلفه بينيت من عدم وجود أفق سياسي يمكن التوافق عليه مع الفلسطينيين.
أما عن مستقبل السياسة الإسرائيلية المتوقعة مع قطاع غزة، فمن المتوقع العمل على المحافظة على الوضع القائم، والحيلولة دون اندلاع مواجهات عسكرية، دون وجود معطيات ترجح كفة ذهابه إلى صفقة تبادل أسرى، رغم أن أول مهمة له تمثلت في لقاء رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، وبحث قضايا عديدة على رأسها الوضع الأمني في غزة ومصير الأسرى، رغم أنه في هذه المرحلة الانتقالية سيحرص لابيد على عدم الصدام مع أقطاب المؤسسة الأمنية، بل التنسيق معها، والانسجام مع مواقفها.