على صفيحٍ ساخن وبالتزامن مع اشتعال الرأي العام الإسرائيلي نتيجة اعتزال رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت للحياة السياسية وتزايد فرص عودة المعارضة اليمينية المُتطرفة، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو والتي تُشير تبعاتها إلى تصاعد وتيرة الحرب الكلامية داخل أروقة قادة المستوى السياسي والعسكري في الحكومة الصهيونية المُقبلة على حل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة مطلع نوفمبر القادم وذلك للمرة الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات، ومع هذه المستجدات في الشأن السياسي الإسرائيلي تمكّنت كتائب الشهيد عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة حماس من قلب وبعثرة الأوراق على طاولة الحكومة الصهيونية لمضاعفة التشتت الحاصل داخلها، وقد اتضح ذلك خلال عرضها مقطع فيديو قصيرًا يتحدّث عن تدهور الحالة الصحية للجندي الذي خدم في الجيش الإسرائيلي والأسير لديها منذ حرب العصف المأكول عام 2014 والمُدعى هشام السيد كما ظهر في بطاقته الشخصية الرقم العسكري وأنّه يحمل الجنسية الإسرائيلية.
المقطع الذي لا يتجاوز 40 ثانية أثار ضجة عارمة لدى أوساط الرأي العام وبكل مستوياته الدائرة داخل المجتمع الصهيوني، هذا ما دفع بالمُنسِّق السابق لشؤون الأسرى والمفقودين في حكومة الاحتلال الصهيوني موشيه تال للتصريح بالقول: "أقترح أخذ إعلان حماس حول الأسرى على محمل الجد، أرى هذا بمنزلة دعوة لاستيقاظ الحكومة"، وهذا التصريح لم يكُن ليأتي لولا أن القسّام نجح في تحريك المياه الراكدة في ملف الجنود الأربعة المأسورين لديه، وهم شاؤول آرون، هدار غولدن، أبراهام منغستو، هشام السيد والذين مضى على أسرهم 8 سنوات ولم تُعرف أي تفاصيل عنهم باستثناء ما أظهرته المشاهد عن حالة الجندي هشام السيد.
المشاهد التي عُرضت في مقطع الفيديو الثلاثاء الماضي أكدت أنّ كتائب القسّام نجحت في إعادة ملف قضية الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني ووضعه على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين قادة المستوى السياسي في الحكومة الصهيونية المُنهارة وقيادة المقاومة الفلسطينية التي تترأسها حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسّام، والذي خصّص وحدة الظل لحماية وتأمين أسرى العدو الصهيوني واستطاع بالوحدة التي شكّلها الاحتفاظ بالأسرى الصهاينة وتأمينهم حوالي ثماني سنوات.
مقطع فيديو القسام أشار إلى التدهور الذي طرأ على صحة الجندي الأسير هشام السيد والذي يحمل مشاهد تُعرض لأول مرة، وقد جاءت كما وعد أبو عبيدة الناطق العسكري باسمها في تغريدة سابقة له، ومما لا شك فيه، بثّ المشاهد بوضوح ما دلَّ على حرص القسّام ورعايته للجندي الأسير وتأمينها ما يلزم الحفاظ على حياته؛ لأجل مبادلته بأسرى فلسطينيين يدفع الاحتلال الصهيوني الثمن مقابل الإفراج عنه كما تم مُسبقًا مع الجندي السابق جلعاد شاليط الذي أُفرج عنه بثمنٍ كبير دفعه قادة المستوى السياسي في حكومة الاحتلال رغمًا عنهم في إبرام صفقة وفاء الأحرار عام ٢٠١١، إذ تم الإفراج عن أكثر من ألف أسير منهم من حُكم بالمؤبد لكن تمكّن القسّام من إخضاع حكومة الاحتلال لشروطه التي فرضها على قادة المستوى السياسي والعسكري آنذاك.
وأظهرت المشاهد صورة إنسانية كتائب القسّام التي تُعامل أسرى العدو بطريقة تختلف كليًا عن تعامل الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين حيث الإهمال الطبي بالتكتم على حالة 600 أسير مريض وبشكل متعمد ومقصود، إضافة إلى التعذيب المُمنهج والقتل البطيء في الزنازين الصهيونية في خطوة من شأنها تأكيد مدى همجية ووحشية الاحتلال في تعامله مع الأسرى الفلسطينيين.
وأمام تلك المشاهد التي عُرضت وأكدت حالة الضعف والارتباك الذي ظهر على الاحتلال من خلال انجراره للتواصل مع الوسطاء لإنهاء ملف الأسرى بالتفاوض والذي يعي جيدًا بأنه سيدفع الثمن شاء أم أبى، ومهما مارس من سياسات التسويف والتأجيل والمماطلة تجاه ملف الأسرى فإنه سيبقى حاضرًا تحت ضغط المجتمع الصهيوني الداعم لذوي الجنود الصهاينة والمُطالب قادة حكومة الاحتلال بتزويد عائلات الجنود الأسرى لدى القسّام بمعلومات موثوقة عن حالتهم الصحية، ولن يتحقق لهم ذلك إلا بالرضوخ لشروط القسام المتمثلة بعقد صفقة وفاء الأحرار 2 والتي باتت تلوح بالأفق حينها ستضع الحرب الدائرة التي يخوض غمارها جناح حماس العسكري، أوزارها في لحظة فارقة من عمر الثوابت الفلسطينية التي تقف على سلم أولوياتها قضية الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني.