أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية -ومقره رام الله- استطلاعا للرأي جاء فيه ارتفاعا ملحوظا للمؤيدين لعمليات المقاومة المسلحة التي نُفذت مؤخرا، والعودة للانتفاضة المسلحة. وبخصوص الانتخابات الفلسطينية العامة طالب بإجرائها ٦٥٪ من المستطلعين في الضفة، و٨٠٪ من المستطلعين بغزة. وأظهر الاستطلاع أن ٦١٪ يعارضون قرار محمود عباس تكليف حسين الشيخ بمهام أمين سر اللجنة التنفيذية. وفي المرشحين للرئاسة حاز الشيخ على ٣٪ وحاز البرغوثي على ٣٠٪. ويتفوق إسماعيل هنية على عباس، حيث حاز الأول على ٥٥٪ والآخر على ٣٣٪. في حين يتفوق البرغوثي على هنية في المنافسة، ويتفوق هنية على محمد اشتية في المنافسة، حيث حصل الأول على ٦١٪ والآخر على ٢٦٪. وتحصل حماس على ٣٦ مقعدا في البرلمان، وفتح على ٣٥ مقعدا لو أُجريت انتخابات نزيهة مثل ٢٠٠٦م، وترى الأغلبية أن حماس الأكثر جدارة بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني.
الاستطلاع أُجري في الفترة بين ٢٢-٢٥ يونيو، ونشرت نتائجه في يوم ٢٩ يونيو. ومن الواضح أن الاستطلاع يكشف عن تراجع فرص فتح في البرلمان، وفي قيادة الشعب الفلسطيني، وتقدم فرص حماس في الأمرين المذكورين، ويرجع تقدم حماس لعدة عوامل، من أهمها المقاومة، والدفاع الحقيقي عن القدس. ويرجع تراجع فتح لأسباب عديدة، على رأسها قتل الناشط نزار بنات، وإطلاق سراح المتهمين بالقتل، ولفشل برنامج المفاوضات وحل الدولتين، وفشل عباس وفتح في إجراء تغيير يتلاءم مع مستجدات الواقع السياسي الفلسطيني.
من المعلوم أن استطلاعات الرأي في بلادنا لا تتمتع بالمصداقية التي تتمتع بها استطلاعات الرأي التي تُجرى في أميركا أو في (إسرائيل)، ولكنها مع ذلك تعدّ مؤشرًا مهمًا وذا مصداقية نسبية على المستقبل، ويجدر بالأطراف الفلسطينية قراءتها جيدا، في محاولة لاستخلاص العبر، التي تساعد في تعديل التخطيط والمزاج في الرأي العام الفلسطيني.
المؤسف أن استطلاعات الرأي لا تحظى باهتمام الأحزاب والفصائل، فضلًا عن إهمال السلطة لها، مع أن المجتمع الفلسطيني يعد من أعلى المجتمعات تعليمًا، وأرقاها ثقافة، حيث تحظى استطلاعات الرأي في المجتمعات المتحضرة والمثقفة باهتمام ومناقشة عاليَي المستوى، لا كعندنا، ويبدو أن هذا الفارق بين مجتمعنا ومجتمعاتهم يرجع لحالة اليأس التي تسكن المواطنين؛ لانعدام الشفافية والمسئولية الأخلاقية في الحكم والسلطة، وهذا في حده مشكلة المشاكل.