المنسق الأممي الخاص للسلام في الشرق الأوسط (تور وينسلاند) قال مساء الاثنين الفائت في إحاطة أمام مجلس الأمن: "إن خطر التصعيد في غزة مستمر، والوضع الأمني بالضفة مقلق للغاية، والوضع السياسي هش"، وطالب حكومة (إسرائيل) بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية فورًا، وعمليات هدم ومصادرة مباني الفلسطينيين، ودعا الأمين العام إلى إجراء تحقيق مستقل وشفاف في مقتل شيرين أبو عاقلة، وضمان محاسبة المسؤولين.
ما جاء في هذه الإحاطة الرسمية على لسان المنسق الأممي فيه تشخيص موضوعي للأوضاع في غزة والضفة تحت الاحتلال الإسرائيلي. وقد كتبت الإحاطة بلغة دبلوماسية، تناسب المقام في مجلس الأمن، وإن كانت لا تعبّر جيدًا عن المشاعر الفلسطينية، وعن حجم الألم الفلسطيني. ما يقوله وينسلاند بلغة الدبلوماسي القلق، يعيشه الفلسطيني قهرًا ودمًا تحت الاحتلال، ولعل في اغتيال شيرين أبو عاقلة صورة للدم والقهر الذي يعيشه الفلسطيني في الضفة وغزة تحت الاحتلال.
نعم، شبح العدوان على غزة يتجدد، والقلق من الحرب يتصاعد، لا سيما حين تكون ثمة انتخابات محتملة في دولة الاحتلال، حيث تشتري الأحزاب بالدم الغزي أصوات الناخبين، وحيث ترتفع أصوات المتطرفين والمتشددين. لم تجف دماء عدوان ٢٠٢١م، ولم يتمّ ترميم ما هدمه العدوان، لا سيما الأبراج السكنية، كبرج الجلاء، وبرج الجوهرة، حيث كانت تصدر صحيفة فلسطين العتيدة. وربما كان يجدر بوينسلاند أن يتطرق في إحاطته لهذه القضية، التي تحكي بشاعة العدوان الصهيوني، وميله الدائم للتدمير الممنهج، بغرض إتعاب الفلسطينيين وتهجيرهم من ديارهم.
هذا، وحين تعرض تقرير الإحاطة إلى هشاشة عملية السلام، لم يقدم لمجلس الأمن رؤية بضرورة معالجة الوضع السياسي، باعتبار الحل السياسي مفتاحا لحل أزمات أخرى عديدة. مجلس الأمن يحتاج إلى من يذكره بضرورة إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وهذا يعني تذكيره بقراراته بهذا الشأن، والتي لم تنفذها دولة الاحتلال.
دماء شرين أبو عاقلة هي في رقبة الأمين العام، ومجلس الأمن، ومن المؤسف أن الأمين العام لم يكلف لجنة دولية بإجراء تحقيق شفاف، وفي هذا إهمال للحق الفلسطيني الفردي والجماعي، وهو ما أشار إليه تقرير وينسلاند بلغة دبلوماسية يجدر بمجلس الأمن أن يستجيب لها. التقارير الجيدة لا تكفي وحدها في إحقاق الحق، وإزالة الظلم، وإزاحة القلق، إذا لم تترجم التقارير في أعمال منصفة وجيدة. نريد أعمال المنظمة الدولية ولا نريد أقوالها.