تمر الذكرى السنوية الأولى لِجريمة اغتيال صوت وصورة المُعارض السياسي نزار خليل بنات (1978-2021)، التي وافقت يوم أمس 24 يونيو وقد ارتُكبت العام الماضي على يد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مِن أعلى مستوياتها إذ تمَّ التوجيه وإعطاء الأوامر بالقتل والتصفية مباشرةً ولا سيَّما مع المُلاحقات وإطلاق النار على منزله والاعتداءات التي سبقت جريمة اغتياله بفترة معلومة للرأي العام الفلسطيني
وتأتي الذكرى الأولى وسط تصاعد الغضب والاحتقان الشعبي والجماهيري في الضفة الغربية المحتلة في ظل استمرارية فساد منظومة سلطة فتح محمود عباس السياسية والأمنية والعسكرية، والتي لم يكن آخرها الإفراج عن 14 قاتلًا ومتهمًا في قضية قتل نزار بنات بقرار من المحكمة العسكرية النائب العام وتحت ذريعة انتشار فيروس كورونا، مع أنّ هناك العشرات بل المئات من المعتقلين السياسيين داخل سجون ومقرات سلطة محمود عباس لم يتم الإفراج عنهم أو النظر في قضاياهم والعديد منهم اعتُقل على خلفية التعبير عن الرأي التي باتت من وجهة نظر السلطة جريمة سياسية مكتملة الأركان تُعاقب عليها منظومة السلطة الفاسدة وتتخذ معها الإجراءات العقابية مِن ملاحقة أمنية واعتقال تعسفي وتعذيب مُمنهج لكل من يُبدي الحديث عن فسادها واستبدادها وقتلها المعارضين كما حدث مع الناشط نزار بنات عندما تم اغتياله وإعدامه في ليلة من ليالي السلطة السوداء ومع سبق الإصرار والترصد.
وقد بات من المؤكد بأنّ تاريخ 24 يونيو يُشكِّل ذكرى قضية حيّة وشاهدة على الجريمة النكراء التي ارتكبتها مجموعة أمنية تتبع لجهاز الأمن الوقائي لسلطة رام الله، بحوالي 17 شخصًا انهالوا بالضرب على الناشط السياسي نزار بنات وقاموا بتعذيبه ورش غاز الفلفل في وجهه قبل اصطحابه لأحد مقرات السلطة، وكل تلك الانتهاكات تأتي مع سبق الإصرار والتعمد الذي تنتهجه يد الإجرام الفتحاوي مِن أعلى هرم السلطة السياسية الفتحاوية التي تعد نفسها فلسطينية مع أنّ فلسطين وشعبها الذي يعيش تحت سلطتها ويرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني من أفعالها وسياساتها براء!
يُشار إلى أنّ الناشط السياسي الراحل "نزار بنات" الذي كان مُرشّحًا عن قائمة الحرية والكرامة ضمن الانتخابات التشريعية التي أُعلن عنها العام الماضي وتم إلغاؤها بقرار من رئيس السلطة محمود عباس الحاكم الدكتاتوري المستبد هو وزمرته في مقر المقاطعة برام الله وفي كل أرجاء الضفة المحتلة، يعتبر من أقوى الشخصيات السياسية المعارضة لفساد منظومة السلطة.
من الجدير ذكره بأنّ المستويات السياسية العليا والأمنية والقضائية في السلطة قد اغتالت نزار بنات لكي تعدم صوت الحق وتُخفي ملامح وأركان الحقيقة في حِقبة سياسية شهدت عليهم بالفساد والإفساد الذي طال الوطن والأرض وكرامة الفلسطيني الرافض ليس فقط لاتفاقية أوسلو التي ألحقت الضياع بالقضية الفلسطينية إنّما سياسات السلطة التي تواصل جرائمها بحق كل من يعترض على وجودها أو يعارض الفساد المستشري في عمق القضية الفلسطينية بسببها.
وقد توهَّمت السلطة إعدامها وتصفيتها لنزار بنات بأنّها طوت حياته وأسكتت صوته المعبِّر عن انتقاد سياستها، لكن ما لم تكن تتوقّعه، باغتيالها صاحب صوت المعارضة بأنها خلقت من حيث لا تعلم مليون صوت علم بفسادها وبات يُطالب بالعدالة لنزار بنات مع ضرورة محاسبة المتورطين بجرائم القتل العمد والخارج عن القانون الفلسطيني والدولي لحقوق الإنسان.
وتبقى قضية نزار بنات كابوسًا يُلاحق سلطة فتح محمود عباس خاصةً أنّ عائلته انسحبت نهائيًّا في 18 مايو من لجنة التحقيق المحلية وقررت نقل الملف إلى القضاء الدولي حتى يكون هناك محاسبة دولية لكل من شارك وأمر بتصفية واغتيال نزار بنات وذلك من خلال تشكيل فريق قانوني دولي يضم 38 محاميًا، وهذا ما أعلنته عائلة شهيد الكلمة نزار بنات.
ولعل التساؤلات بِفضاء المُعارضين والنشطاء السياسيين والرأي العام في الضفة الغربية المحتلة تطرح نفسها بقوة وتقول:
مَن يا تُرَى ستُلاحقه أيدي العمالة والخيانة والغدر الفتحاوي في ظل الصمت والإرهاب القانوني الفلسطيني من قِبل سلطة التنسيق الأمني؟!
ومتى تنتهي انتهاكات وجرائم السلطة وسياساتها التعسفية بحقّ كل من يُعارض؟
وكيف للثوار في ضفة الأبطال أن يقولوا كفى لسلطة الغدر والعار؟!
أخيرًا ألا ينبغي للأحرار في الضفة الغربية المحتلة أن يُعلنوها ثورة على من أصدر قرارًا بالإفراج عن قتلة نزار بنات، أولئك الذين باعوا الوطن واستولوا على مقدَّراته ونهبوا ثرواته؟!