أسرانا عند الاحتلال وجعنا الدائم. عندما أسر الصليبيون مئات من المسلمين عند استيلائهم على عكا، ظل (صلاح الدين) رحمه الله يرقب الموقف، ويعد العدة لإنقاذهم من الأسر، وكان ينظر لعكا ويبكي بكاء الثكلى من أجل فكاك الأسرى. الوارثون لصلاح الدين رحمه الله من القادة في عصرنا ينبغي لهم ألّا يشبعوا من النوم، ولا من الطعام، وأسرى فلسطين بالآلاف بيد المحتل الصهيوني. لا نطلب من قادتنا بكاء الثكلى من أجلهم، ويكفينا أن يهتموا بقضيتهم، وأن يجعلوها في أول أجندتهم، سواء على مستوى الفعل المقاوم، أو على مستوى الخطاب مع الوسيط المصري والقطري.
في كل لقاء لقادة الفصائل مع أي جهة خارجية ينبغي لهم إثارة موضوع الأسرى، إن لم يكن تشبهًا بصلاح الدين رحمه الله، فأخذًا للعبرة من العدو الذي كان يثير قضية الأسير (شاليط) مع كل وفد يزور غزة، مهما كان مستوى هذا الوفد.
ما الجديد في قضية الأسرى في هذه المرحلة حتى نكتب عنهم؟! الجواب يتضمن قضيتين أساسيتين: الأولى أن كنيست العدو يعزم على إصدار قانون يمنع (معالجة الأسرى الفلسطينيين)، وهذا القانون هو قتل بطيء ومتعمد للأسرى، وهو قانون عنصري، وقانون لا إنساني، ويخالف المعمول به في كل الدول المعاصرة التي تحترم حق الإنسان في العلاج. وهنا يجدر بقادتنا إثارة قضية الأسيرة (جعابيص) التي هي في أمسِّ الحاجة للعلاج حتى تتمكن من التنفس من أنفها طبيعيًّا، على حين يرفض السجان العنصري علاجها!
والثانية؛ أنه ثمة أسرى إداريين منهم (عواودة وريان) مضربين عن الطعام، وقد تجاوز الأول المئة يوم إضراب، ودخل الثاني في اليوم الـ(٦٣). إن قانون الاعتقال الإداري قانون ظالم، وتطبقه سلطات الاحتلال بتعسف ضد الفلسطينيين، دون توجيه تهمة محددة للمعتقل، ودون أن يعرف المعتقل تاريخًا للإفراج عنه، وغالبًا ما يجدد الاعتقال الإداري تلقائيًّا كل ستة أشهر. هذا القانون عدوان ظالم على حق المعتقل القاضي بمعرفة سبب الاعتقال، ومدة الاعتقال، وتاريخ الإفراج عنه!
إن الاعتقال الإداري جريمة تحتاج إلى تكثيف الجهود الإعلامية والسياسية محليًّا ودوليًّا لإلغائه. هذه الجريمة لا تعرفها الدول الحديثة المتحضرة، فهي جريمة تكاد لا توجد إلا في دولة الاحتلال الصهيوني العنصري، وهي لا تطبق عندهم إلا على الفلسطيني! والإسرائيلي لا يخضع لعقوبة الاعتقال الإداري البتة مهما كانت التهم الموجهة إليه!
الأسرى وجعنا الدائم، ووجع الأمة قاطبة، والمسؤولية عن تحريرهم هي في عنق الجميع دون استثناء، لذا يجدر أن يكونوا دائمًا أول الأجندة عند قادة الفصائل والسلطة، والوسطاء العرب. وفي النهاية نذكر بقصة شاليط، وبالمثل القائل (ما حك جلدك مثل ظفرك)!