رأى محللون سياسيون، أن إعلان رئيس السلطة محمود عباس، عن تجميد الاتصالات مع الاحتلال الإسرائيلي هو "للاستهلاك الإعلامي والمحلي"، مشيرين إلى أن موقف عباس لا يلبي التحديات الراهنة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية.
واستبعد المحللون في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، أن يكون لدى السلطة برام الله القدرة على الارتقاء لمستوى التحديات الراهنة وتضحيات الشعب الفلسطيني، بعد أن تنازلت عن كل أوراق القوة لديها، لا سيما المقاومة بجميع أشكالها.
وأول من أمس، أعلن عباس في ختام اجتماع عقده في مقر الرئاسة برام الله، عن تجميد الاتصالات مع دولة الاحتلال، على مختلف المستويات لحين التزام (إسرائيل) بإلغاء الإجراءات التي تقوم بها ضد شعبنا الفلسطيني عامة، ومدينة القدس والمسجد الأقصى خاصة.
في المقابل، ذكر موقع "واللا" العبري، أمس، على لسان منسق أعمال الاحتلال في الصفة الغربية "يؤاف مردخاي"، قوله: "إن الاحتلال حصل على تطمينات من قبل السلطة بأن الاتصالات مستمرة والتنسيق الأمني والمدني مستمر مع السلطة".
للاستهلاك الإعلامي
ورأى الكاتب والمحلل السياسي خالد عمايرة، أن حديث عباس حول تجميد الاتصالات مع الاحتلال، "يكتنفه الغموض المقصود، إذ إنه لم يحدد ماهية الاتصالات التي سيوقفها"، لافتًا إلى أن الاتصالات إن كان قصد فيها المفاوضات فهي متوقفة منذ نحو 3 سنوات.
وقال عمايرة في حديث لـ"فلسطين": "إنه لا يوجد تأثير أو جوهر حقيقي على الأرض لتصريح عباس، وما صرح به بهدف الاستهلاك الإعلامي والمحلي، ولا يشمل وقف التنسيق الأمني".
وأضاف: "إن التنسيق الأمني يمثل للسلطة خطًا أحمر، ووجودها مرتبط به، إذ إن تخليها عن التنسيق الأمني تخلٍ عن سبب وجودها بالنسبة للاحتلال"، مشيرًا إلى أن "الحقيقة المرة، أنه مهما فعلت السلطة، فإن ذلك لن يحرك الاحتلال باتجاه النظر في إجراءاته في المسجد الأقصى".
واستدرك عمايرة قائلًا: "الأمر الوحيد الذي يجب أن يحدث، هو وقف التنسيق الأمني ولكن هذا الأمر غير مطروح والسلطة لا تفكر به، لأنها مرتبطة باتفاقيات مع الاحتلال، الذي يسيطر على الكهرباء والسفر واستصدار التصريحات والمياه".
وبين أن إعلان عباس عن تجميد الاتصالات مع الاحتلال جاء بشكل فضفاض وعام، "لأنه ضعيف ولا يملك أوراقًا تستطيع تغيير قواعد اللعبة"، منبهًا إلى أن السلطة حشرت نفسها بتوقيعها على اتفاق أوسلو.
وشدد عمايرة على أن الأمور باتت واضحة، وأن عباس لا يتخذ خطوات حقيقية على مستوى الحدث، لافتًا إلى أنه كان الأولى على عباس أن يدعو لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، ومؤتمر التعاون الإسلامي، وأن يعلن بشكل واضح وقف التنسيق الأمني.
لا يلبي التحديات
من جهته، استبعد المحلل السياسي عمر عساف، أن يكون لدى السلطة القدرة على الارتقاء لمستوى التحديات الراهنة وتضحيات أبناء الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن موقف عباس "لا يرتقي لمستوى التحديات الراهنة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية".
وقال عساف في حديث لـ"فلسطين": "إن خطاب عباس ينبغي أن يكون واضحا بإعلان وقف التنسيق الأمني وليس بكلمات عامة، خاصة أن الاحتلال لديه تطمينات من جهات بالسلطة تؤكد أن التنسيق الأمني مستمر بين الطرفين".
وأضاف أن التجارب السابقة أثبتت أن عباس سرعان ما يتراجع عن تصريحاته، وسرعان ما يكون هناك اتصالات سرية أو عبر وسائل مختلفة مع الاحتلال".
أما المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم، فقد رأى أن تهديد عباس بوقف الاتصالات وتجميدها لا يشكل ورقة ضغط على الاحتلال، مشيرًا إلى أن ذلك لم يشمل التنسيق الأمني، لأن هالة القداسة التي تحيط بالتنسيق الأمني من قبل السلطة لا يمكن أن تمس لا اليوم ولا لاحقًا.
وقال علقم في تصريحات لـ"فلسطين: "إن الأولى بعباس أن يتوجه للمحافل الدولية في ظل القرارات الأممية وخاصة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) التي عدّت المسجد الأقصى، وحائط "البراق" تراثًا إسلاميًا خالصًا، وذلك بهدف كبح جماح التطرف الإسرائيلي، الأمر الذي يتغاضى عنه عباس".
وأشار إلى تصريحات سابقة لعباس ومسؤولين فلسطينيين، أكدوا خلالها أن التنسيق الأمني مقدس، بعد أن رفضت السلطة تنفيذ قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير بوقف التنسيق الأمني الذي أصدره في مارس/ آذار 2015م.