يزداد التوتر في الحلبة السياسية والحزبية الإسرائيلية مع حالة عدم الاستقرار السائد فيها بسبب الانسحابات المتلاحقة والاستقالات المتتالية، صحيح أن عضوة الكنيست غيداء ريناوي الزعبي سحبت استقالتها، وعادت إلى صفوف الائتلاف، لكن الدراما ما زالت تتواصل، لا سيما مع ظهور إشارات مقلقة للحكومة ورئيسها ومفادها أن وزير الحرب بيني غانتس قد يذهب الى خطوة انفصالية كاملة من خلال مباحثاته مع الليكود من وراء الكواليس.
مع العلم أنه حتى قبل أسبوع تقريبا، كانت الزعبي مجهولة الاسم بالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين، ولعله من الصعب العثور على مذيعة تلفزيونية إسرائيلية، أو مراسل صحفي في الكنيست قادر على النطق الصحيح لاسمها، لكنها بحركة واحدة من خلال استقالتها المفاجئة أصبحت معروفة بين اليهود، ومؤثرة في فلسطينيي48، حتى بات بيتها "محجًا" لأعضاء الكنيست العرب، ورؤساء السلطات العربية، لمحاولة إقناع بالعدول عن استقالتها، وهو ما تم فعلا.
يظهر ما حصل في الأسابيع الأخيرة من تطورات دراماتيكية متلاحقة داخل الائتلاف الحكومي مدى اتساع الفجوة داخل مختلف مكوناته المتناقضة، بعد أن فضل قادته الحفاظ على جانبه اليميني، وتعزيزه، واتخاذ مواقف متطرفة بشأن قضايا أساسية بالغة الأهمية مثل المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح، ومشاريع الاستيطان، وتدمير المنازل الفلسطينية، ومصادرة أراضيهم، فضلا عن قانون المواطنة.
مع أن يائير لابيد وزير الخارجية ظهر الأكثر حافزية ونشاطا للحفاظ على الحكومة من السقوط، لأنه سيكون أول المتأثرين بهذا السيناريو، بل قد يشكل له انتحارا سياسياً، ولديه سبب وجيه لهذا النشاط اللافت، فعينه على منصب رئيس الوزراء في اتفاق التناوب مع نفتالي بينيت، رغم أن المعطيات المتزايدة تؤكد أن ذلك لن يحدث، لكنه يصر على بلوغ هذا المنصب حتى اللحظة الأخيرة، وسيفعل كل المناورات السياسية الممكنة للوصول لهدفه.
بيني غانتس وزير الحرب ليس بعيدا عن هذه التطورات في ظل ما تم تسريبه من مباحثات يجريها مع حزب الليكود، وتقديم عرض مغرٍ له شرط الانسحاب من الائتلاف، مما قد يتسبب بانهياره وسقوطه على الفور، رغم أنه كان ضحية سابقة لتلاعبات بنيامين نتنياهو الذي لم يمنحه كل ما وعده به في دورة انتخابية سابقة، لكن غانتس لا يخفي انزعاجه وهو يرى لابيد يتحضر للقفز الى موقع رئاسة الحكومة، وهو يكتفي بالمشاهدة عن بعد.
حزب ميرتس اليساري هو الآخر منخرط في التطورات المتلاحقة داخل الائتلاف الحكومي من خلال ما يتم الحديث بشأنه حول قرب طي صفحته مع تراجع شعبيته في الاستطلاعات الأخيرة بصورة مريعة، إلى الدرجة التي لا تمنح حتى اجتياز نسبة الحسم في أي انتخابات قد تجري، مما يجعل قادته يتبعون إستراتيجية تعتمد على عصر الليمون حتى النهاية، خشية الوصول إلى سيناريو التفكك والسقوط.