فلسطين أون لاين

​سعى إلى اختطاف جثمانه وشهيدَيْن آخرَيْن

الاحتلال يلاحق الشاب "أبو غنام".. حيًّا وشهيدًا!

...
جانب من تشييع جثمان الشهيد محمد أبو غنام في القدس المحتلة - أمس
القدس المحتلة / غزة - نبيل سنونو

يتسلقون الجدار، ليس لممارسة الرياضة، ولكن للنجاة بجثمان الشهيد محمد أبو غنام الذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال خلال مواجهات اندلعت في منطقة الطور أمس.

إنه مشهدٌ لشبان فلسطينيين يعلمون أن الاحتلال يلاحقهم أحياء وشهداء. وبعدما وجهت قواته النار تجاه ثلاثة شبان عزل ما أدى إلى ارتقائهم، اقتحمت مستشفى المقاصد بهدف احتجاز جثامينهم.

وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع "فيديو" لهؤلاء الشبان الذين يحملون جثمان الشهيد أبو غنام (20 عاما) يلفه قماش أبيض مغطى بالدماء، ويحاولون نقله إلى الجهة المقابلة لمواراته الثرى وإحباط أي محاولات من الاحتلال لاحتجاز جثمانه.

وليست هذه المرة الأولى التي يسعى فيها الاحتلال إلى انتهاك حرمة الشهداء، بل إنها سياسة متبعة وقصة لها بداية بلا نهاية، ليس أدل عليها مما يعرف بـ"مقابر الأرقام".

"حمل الشبان الشهداء حتى لا يخطفهم الاحتلال الذي هاجم المستشفى.."؛ يروي الخبير المقدسي د.جمال عمرو لصحيفة "فلسطين"، بعضا من تفاصيل الحادثة.

يقول عمرو، إن قوات الاحتلال دخلت قسم الطوارئ في مستشفى المقاصد وانتزعت المفاتيح بغية خطف جثامين الشهداء، مشبها قوات الاحتلال بأنها "قطعان البهائم".

وعن سبب احتجاز الجثامين، يشير إلى أن الاحتلال لا يروقه ولا يرغب بأن تكون هناك جنازات للشهداء، ويعتبر أنهم خالفوا "القانون الصهيوني".

ويتابع بأن سلطات الاحتلال تتبع منهجا يقضي برفض تسليم جثامين الشهداء لذويهم، كعقاب جماعي لهم، وكي يبقي في نفوسهم مشاعر لا يعرفها إلا ذوو الشهيد.

ويوضح أن مواراة الشهيد الثرى وإلقاء ذويه النظرة الأخيرة عليه وقراءة الفاتحة والصلاة عليه، وما يصاحب ذلك من دعاء له، وحمل الشهيد كلها تضفي راحة بال وتخفيفا من مصاب ذويه.

لكن الاحتلال يسعى إلى حرمان ذوي الشهيد من التجمع "في مهرجان عرس الشهداء على مدار ثلاثة أيام"، مبينا أن مثل هذا التجمع يتحول لمنصة خطابة، يزعم الاحتلال أنها "تحريض"، ويحقق على إثرها مع المتحدثين.

ويبين أن الاحتلال يُفضِّل احتجاز الجثامين، ثم بعد مرور فترة من الزمن الاتصال خلسة بذويه، وإخبارهم بأن معهم ساعتين لتسلمه ومواراته الثرى من قبل عدد لا يزيد على 12 منهم، وبدون أنوار في ساعات الليل.

ووفقًا لعمرو، فإن شهيدًا آخر إضافة إلى أبو غنام، كان قد نقل إلى مستشفى المقاصد هو محمد محمود شرف، بينما الشهيد محمد لافي نقل إلى مجمع رام الله الطبي.

واستشهد لافي (18 عاما) من بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة، جراء إصابته بالرصاص الحي في صدره، وهو واحد من بين ثلاثة شهداء سقطوا خلال المواجهات التي اندلعت أمس، نصرة للمسجد الأقصى المبارك.

وينبه عمرو إلى أن قوات الاحتلال تلاحق حتى الشبان الذين ظهروا في مقطع "الفيديو" يحاولون النجاة بجثمان الشهيد أبو غنام، وتعمل أجهزة استخبارات الاحتلال على التعرف على صورهم والتحقيق معهم.

جثامين الشهداء الثلاثة الذين ارتقوا أمس، تمت مواراتها الثرى والصلاة عليها ودفنها بدمائها وملابسها دون تغسيل، وبسرعة فائقة جدًا لكن جثامين ثلاثة شبان من عائلة جبارين استشهدوا في 14 من الشهر الجاري في القدس المحتلة، لا تزال محتجزة لدى قوات الاحتلال، والكلام لا يزال للخبير المقدسي.

"من الملفت جدًا أن شهداء الجمعة قبل الماضية كانت أسماؤهم "محمد"، وشهداء أمس كانت أسماؤهم أيضًا "محمد".. وهتافات الشباب في الميدان كلها: لن تركع أمة قائدها محمد"؛ يتمم عمرو حديثه عن النضال الفلسطيني.