فلسطين أون لاين

الفجوة الإسرائيلية بين المستويين السياسي والعسكري بشأن العملية البرية

مع استمرار المناورات الإسرائيلية "عربات النار"، تداولت الأوساط العسكرية في نقاشاتها اتساعا للفجوة بين ما يخطط له جيش الاحتلال، وقدرته على تنفيذه، في ضوء مواصلة تشكيك المستوى السياسي في قدرة نظيره العسكري على خوض عملية برية واسعة، قادرة على "تسليم البضاعة"، وفي هذه الحالة، فإن أي فشل مرتقب إبان الدخول في السيناريو البري في أي من الجبهات المرشحة، قد يفجر الوضع الأمني ​داخل الإسرائيليين جميعاً.

هذه الشكوك التي يبثها الساسة الإسرائيليون ضد العسكر بشأن ترددهم إزاء الذهاب نحو عملية برية تعيد للأذهان ما حصل بعد شهرين من العدوان على غزة في مثل هذه الأيام من 2021، حين تم التحقيق في "مترو حماس"، وهي العملية الفاشلة التي استهدفت قتل قرابة ثلاثمائة من المقاومين خلال تدمير شبكة الأنفاق شرق القطاع، لكن إخفاق الجيش في العملية التي تم التحضير لها سنوات عديدة شكلت صفعة على وجوه جميع المشاركين فيها.

الاستخلاص الإسرائيلي من هذا الإخفاق جاء على صيغة عبارة مفادها أنه "ما لم تستعد له، فلن ينجح"، وهو ما يسمى "قرار ساحة المعركة"، الذي يستدعي إعداداً مسبقاً لبنك الأهداف المقرر مهاجمته في غزة ولبنان، بما يشمله من مواقع هجومية جوية وبحرية عالية القدرة، لكن تشغيل العملية البرية يطرح نفسه مرة أخرى عن مدى فاعليته، وجدوى إنفاق الجيش لميزانياته في قدرات عملياتية لن تتحقق فعلياً على الأرض.

مع أن رئيس الأركان الحالي كوخافي، ووفقا لما يرشح من معلومات عسكرية، فقد أقر بناء قوة كبيرة يفترض أن تهبط في عمق أراضي العدو، تقاتله، ثم تنسحب وتنجو، من خلال خطط عملياتية لم تقدم إجابة مباشرة عن مدى تأثيرها على استمرار إطلاق الصواريخ، وهو ما اتضح عمليا في كل العدوانات الإسرائيلية من لبنان إلى غزة، على الرغم من خشيتهم الدائمة من سقوط أعداد كبيرة من الخسائر البشرية في صفوف الجنود، وتأثير هذا العدد في الجمهور الإسرائيلي في الجبهة الداخلية، وإمكانية أن يترافق ذلك مع اندلاع انتفاضة شعبية داخل المدن الفلسطينية المحتلة، كما حصل فيها خلال هبة رمضان 2021.

بالنظر إلى السيناريوهات المعقدة كما في التدريبات هذه المرة، قد لا يكون جيش الاحتلال قادرًا على الاكتفاء بمناورة دون أخرى، ما سيؤثر في كيفية إطلاق النار، والحديث عن إمكانية التفوق على قوى المقاومة في أكثر من جبهة، أو على الأقل إيقاف أو تقليل إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، دون منح العملية البرية الحيز المطلوب لها في المناورات الجارية بانتظار جسر هذه الفجوة القائمة بين المستويين السياسي والعسكري.