يوما بعد يوم، تفقد حكومة بينيت-لابيد شرعيتها، وقد باتت تعتمد الآن على ائتلاف من 59 عضوًا في الكنيست فقط، ما يجعلها عرضة للابتزاز إلى أقصى حد من الرشوة السياسية، لأنها لا تستطيع إدارة دولة الاحتلال، وقد باتت منخرطة في مطاردة مستمرة لأعضاء الكنيست المنسحبين، واحدا تلو الآخر، وفي هذه الحالة قد تضطر الحكومة للإعلان أنها وصلت إلى نهاية مسارها، وقررت الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
صحيح أن بينيت يحاول تعميم خطاب وطني قومي على وزرائه من خلال تشبيه حكومته المتهاوية بأنها آخر حصون المناعة أمام الدولة، ويشبه تخلي أعضاء الائتلاف عنه في اللحظات الأخيرة كمن يتخلى من اليهود عن مستقبل شعبهم، دون أن ينجح، على الأقل مرحليًا، في المحافظة على قاعدته المتهاوية، مما يجعلها عاجزة فعليًا عن إدارة شئون الدولة، مع وجود قائمة تطول مع مرور الوقت من الأعضاء المنسحبين من الائتلاف، الذي عاش أكثر من كل التوقعات المتنبئة بسقوطه أسرع من ذلك.
اللافت في الانسحابات الجارية من هذا الائتلاف المشكل من خليط "كوكتيل" غير متجانس البتة، إلا على مصلحة واحدة تتمثل بإقصاء بنيامين نتنياهو عن المشهد السياسي، أن أعضاءه المنسحبين منه يعدون مناقضين لبعضهم بعضًا، فالمنسحبة الأولى "عيديت سيلمان" من حزب يمينا، وانسحبت احتجاجًا على أداء الحكومة التي وصفته بالمتهاون مع الفلسطينيين، في حين جاءت المنسحبة أخيرًا، وليس آخرًا، غيداء ريناوي زعبي، من حزب ميرتس، التي هاجمت الحكومة عقب أحداث الأقصى ومهاجمة جنازة الشهيدة شيرين أبو عاقلة.
ما من شك أن الحكومة الحالية وصلت إلى نقطة اللا عودة، ولم يعد الكثير من الرهانات لإبقائها على قيد الحياة، حتى أن محاولات شراء الذمم من بعض أعضاء الائتلاف لم تؤتِ أكلها، وعليه وجدت نفسها في موقف حرج لا تحسد عليه، وكل محاولات التخدير والإنعاش باءت بالفشل حتى الآن، الأمر الذي قد يتطلب منها الإعلان أنها وصلت إلى نهاية طريقها، والذهاب إلى جولة جديدة من الانتخابات المبكرة، كما فعل رؤساء الوزراء في الماضي، بدلًا من مواصلة السعي اليومي لتحقيق المزيد من المفاجآت غير السارة، والاستمرار في السير على خط الشعر، بما يحمله ذلك من مخاطر جمة.
صحيح أن بينيت ولابيد سيحاولان العبور أسبوعًا بعد آخر دون الاضطرار للإعلان عن التوافق على الانتخابات المبكرة، وصولًا الى تمرير ميزانية الحكومة، لكنهما يشبهان من ينتظر وقوع المزيد من المعجزات التي قد تأتي أو لا تأتي، أما نتنياهو، الذي يشكل كابوسًا لهما، فهو يتربص بهما، وبات يبث مندوبيه من وراء الكواليس في أوساط الائتلاف، يحثهم على الاستقالة، ويقدم لهم وعودًا، ويحجز لهم مقاعد في حكومته القادمة، إن شُكِّلت.