مع انطلاق مناورات "عربات النار" الإسرائيلية، وزيادة التهديدات الإسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية باتجاه إيران، أقلعت طائرة إسرائيلية تقل وزير الحرب بيني غانتس إلى الولايات المتحدة مباشرة، بزعم الحديث عن الثمن الذي ستدفعه دولة الاحتلال من فرضية مهاجمة إيران، خاصة مع وصول محادثاتها مع القوى العظمى بشأن إحياء الاتفاق النووي لطريق مسدود.
من الواضح أن الوفد الإسرائيلي في واشنطن يعتزم مناقشة هذه التحديات بزعم أن إيران قريبة جدًا من الحصول على مواد التقييم اللازمة للأسلحة النووية، رغم أنها لا تزال بعيدة جدًا عن الحصول على الأسلحة الفعلية، لأنها تتطلب القدرة على تطوير رأس متفجر يمكنه الصمود في وجه تغلغل الفضاء في الغلاف الجوي، وعدم تفككه في الهواء، وفي هذا المجال سيستغرق الأمر 6-9 أشهر، ثم وقتًا أطول لامتلاك أسلحة نووية.
وبالتالي فإن القضية النووية في إيران تزداد صعوبة بمرور الوقت، رغم أن أفضل وقت للهجوم مضى قبل عقد من الزمان، وتحديدا في عام 2012 عندما كانت لدى إسرائيل قدرات هجومية جيدة في ذلك الحين، ومن ناحية أخرى لم يطور الإيرانيون حينها أنظمة دفاع جوي عالية الجودة.
لكن الإيرانيين قاموا اليوم بتحصين منشآتهم النووية، ومنشآت جديدة في أعماق الأرض، ورغم ذلك يمكن أن يكون الهجوم الإسرائيلي خطيراً للغاية، وليس هناك شك في أن إيران مدركة تمامًا لإمكانية الهجوم، ولذلك فهي توفر إجراءات دفاعية، ومن ثَم يصبح التحدي الإسرائيلي عمليًا مع مرور الوقت أكثر صعوبة.
السؤال الإسرائيلي يتعلق بإمكانية فقدان إيران طاقتها بالكامل كما حدث في العراق عام 1981 وسوريا عام 2007، حين استهدفت (إسرائيل) مفاعلهما النووي، رغم أن تنفيذ مثل هذا الهجوم على إيران سيكون له عواقب بعيدة المدى وخطيرة، ولذلك يجب التفكير فيه بجدية.
هناك الكثير من التداعيات الإسرائيلية الأوسع نطاقاً التي يجب أخذها في الاعتبار، لأن إيران سترد، وكذلك حزب الله، ولا أحد يعلم ما الذي سيحدث في منطقة الخليج، وكيف سترد الولايات المتحدة، وأين تقع سوريا في هذه اللعبة، وكل ذلك يشير أننا أمام عملية معقدة للغاية، وإذا تم اتخاذ مثل هذا القرار، فستكون بلا شك مهمة ودرامية.
في الوقت ذاته، فإن التقديرات الإسرائيلية ترى أن الاتفاق النووي، ورغم كل عيوبه، فإن له الأولوية، بدلا من الذهاب إلى المواجهة العسكرية، رغم أن الخيارين سيئان، حتى إن أحد الإسرائيليين وصف المفاضلة بين الاتفاق أو الهجوم بالاختيار بين "الدمامل والكوليرا"، لكن حقيقة أن إيران تريد اتفاقية ليست بالضرورة سيئة لـ (إسرائيل)، على اعتبار أن الوضع ليس دائما محصلته صفر، وكل ما هو جيد لـ (إسرائيل)، فهو ليس بالضرورة ضار بإيران، والعكس بالعكس.