فلسطين أون لاين

هكذا ساهمت 74 عامًا في إضعاف الخاصرة الإسرائيلية

هناك الكثير مما قد يقال عما حققته دولة الاحتلال من إنجازات عسكرية وسياسية طيلة العقود السبعة الماضية، ليس بالضرورة لقوتها فحسب، وإنما لضعف العرب والفلسطينيين أساسا، لا سيما في مراحل تأسيسها الأولى، حين أصيبوا بهول الصدمة والمفاجأة على ضياع الأرض، وفقدانها.

لكن اليوم، وبعد أربعة وسبعين عاما من إقامة الكيان على أنقاض أرضنا المحتلة، يمكن القول بكثير من الثقة والوجاهة أن مسيرة المقاومة، المتفاوتة في قوتها وحدّتها وتوزعها جغرافياً، ألغت من قاموس الاحتلال مصطلح "الحدود الآمنة"، حيث وقف جيشه عاجزاً أمام ابتكارات المقاومين، مما دفع بقيادته لأن يعلنوا عدم امتلاكهم حلولاً سحرية لقمعها، ونجحت في فرض المعاناة المباشرة على الإسرائيليين نتيجة سياسات حكوماتهم المتعاقبة.

مع العلم أن تنامي قدرات الاحتلال العسكرية طوال هذه العقود السبعة، واختلال موازين القوى لصالحه لم يحقق له الحل الذي أراد، على العكس، فقد فاقمت من أزمة نظامه السياسي، وأقنعت الأحزاب الحاكمة طوال تلك السنين أن سياسته القائمة على الضم والإلحاق وأرض "إسرائيل" الكاملة اصطدمت بعقبات جدية.

وكشفت المقاومة حقيقة الكيان المحتل، وساعدت في تعريتها لأسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، من خلال ترويج التعليقات الرائجة على ألسنة كبار المحللين العسكريين، وما تناولته صحفه من التحليلات والمقالات والافتتاحيات، التي أجمعت على تميزها بـ"جرأة مذهلة" و"ثقة ذاتية لدى نواة المقاتلين".

في الوقت ذاته، فقد عكست المقاومة طوال هذه المسيرة التاريخية، حالة تدهور الوضع الأمني الإسرائيلي، خاصة الجرأة المتزايدة للمقاومين، مما أشار لتخطيط واستعداد لمواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال، بعد أن لوحظ تغير في أساليب عمل خلاياها، التي أصبحت توجه مجهوداتها ضدها، ولا يرتدعون عن خوض صدامات مباشرة معها، وبات واضحاً أن هذه العمليات سبقتها نشاطات استخبارية وتخطيط وجمع معلومات.

لقد فرضت المقاومة على المحتل الإسرائيلي مواجهة قوى تتمسك بمبادئها، ورغم اعتقاله لعدد كبير من أعضائها، لكنها نجحت وبصورة مستمرة في العودة لنشاطاتها، ورغم تقلص عدد المطلوبين كثيراً، فقد اعترف جنرالات إسرائيليون مرموقون، أن من تبقوا "عنيفون جداً" وأبدوا استعداداً للمخاطرة، "وهزمونا" بمفهوم معين، ونجحوا في "دفعنا" للمبالغة في الرد، وفي إفقادنا لرباطة جأشنا، وتسببوا في اختلال توازننا"، ولعل ما حصل من عمليات في الأسابيع الأخيرة نموذج حي على ذلك.

كما شهدت المقاومة خلال مختلف مراحلها، وفي جميع جبهاتها، في الداخل والخارج، صراعاً دامياً مع جيش الاحتلال، واشتد الصراع من الناحيتين الكمية والنوعية، فاستمات المقاومون في الصدام، وزاد استشهادهم من حدة المواجهة، مما يمنحها نجاحا في تأكيد فشل الهدف الإسرائيلي لخفض مستوياتها، وليس هناك في الأفق ما يشير لنهايتها، وقد باتت أطول حرب يخوض غمارها!