إن لم يكن لدى عدوك او خصمك شيئا يخسره فأمنحه شيئا يخاف من خسارته، وهذه القاعدة تتبناها (إسرائيل) في التعامل مع قطاع غزة، وآخرها منع عمال غزة من دخول المناطق المحتلة للعمل فيها بعدما منحتهم آلاف تصاريح العمل، وهذا الأمر ينطبق ايضا على توسيع مساحة الصيد وحركة مرور المواطنين والبضائع، فهي من جهة تحاول التنفيس المانع للانفجار في غزة ومن جهة اخرى تعمل على توفير ما يمكن تهديد القطاع بحرمانه منه عند الحاجة، ولكن هذه سياسة فاشلة بامتياز والدليل ان احتمالات الحرب واستئناف معركة القدس تزداد يوما بعد يوم لأنها مرتبطة بقضايا مصيرية اكبر من تصريح عمل واميال اضافية للصيد، مرتبطة بحماية المقدسات وفك الحصار عن غزة واعادة اعمارها ووقف الاستيطان وجرائم القتل المستمرة في الضفة الغربية.
لو قارنت (إسرائيل) بين قوة المقاومة قبل الحصار في قطاع غزة وقوتها بعد 15 عاما من الحصار لوجدت أنها وبغباء قادتها منحت المقاومة فرصة لبناء قوة عصية على الكسر، قوة فرضت معادلات كثيرة لا يملك العدو قدرة على كسرها او افشالها، ولو لم يكن هناك حصار لكان تطور المقاومة ابطأ بكثير لأنه كما يُقال الحاجة ام الاختراع، والحاجة الى كسر الحصار تحتاج إلى قوة تنطلق من داخل غزة طالما سكت المجتمع الدولي وسكت الاشقاء والاصدقاء على حصار غزة وعلى الابادة الجماعية التي يتعرض لها السكان فيه، وبعدما كانت ترفض "إسرائيل" التعايش مع عمليات رشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة بدأت تتعايش رغما عنها مع وجود مقاومة لديها صواريخ قادرة على بلوغ كل شبر في فلسطين، وقادرة على ردع الاحتلال وعلى تعطيل الحياة داخل الكيان الاسرائيلي وشل حركة الطيران المدني.
في الآونة الأخيرة ازدادت الشكوك في الاوساط العبرية حول مدى قدرة الكيان الاسرائيلي على الصمود بضعة سنوات اخرى، هناك من يرى من الاسرائيليين ان احتفال الكيان بالذكرى الثمانين لاحتلاله لفلسطين أصبح أمنية، ونحن نعتقد جازمين بأن الاحتلال الى زوال. لذلك نرى ان رفع الحصار عن قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية على كامل المناطق المحتلة عام 1967 أمر سهل المنال سواء كان ذلك بالتوافق مع الاحتلال حسب شروط المقاومة أو رغم أنفه، يبقى أن المحتل هو من يقرر إن أراد أن يمنح نفسه بضع سنوات من الأمن والهدوء أو العكس قبل مجيء وعد الآخرة وموعد الاندحار الاخير عن آخر شبر من فلسطين.