فلسطين أون لاين

"إلعاد" ليست آخر الهجمات في قلب جبهة الاحتلال

عصيبة هذه الأيام التي يواجهها الاحتلال وهو ينتقل من فضل إلى إخفاف، ومن ثغرة إلى ورطة، وهو يحاول عبثاً وضع حدّ لعمليات المقاومة التي ما تلبث تهدأ أياما معدودة حتى تعود بكامل ألقها وقوتها، تضرب في شتى أنحاء الجبهة الداخلية للاحتلال، شماله وجنوبه ووسطه.

تقدم الهجمات الأخيرة التي بدأت تضرب في عصب الأمن الإسرائيلي منذ أواخر مارس مرورا بأبريل وصولا إلى أوائل مايو، يُنبئ أننا أمام موجة بدأت في بئر السبع، مرورا بالخضيرة، وصولا إلى "بني براك"، وانتهاء بـ"أريئيل"، وأخيرا وليس آخرا في "إلعاد"، ولا أحد يمتلك وصفة سحرية لنهاية وشيكة لهذه العمليات، فضلا عن كونها تمثل بداية جديدة من المقاومة: كماً ونوعاً!

تعتقد المقاومة أن هذه الهجمات من الأكثر إيلاما للاحتلال، ولا سيما أن حدودها لا تتوقف في الأراضي المحتلة عام 1967، بل تتقدم لتصل إلى عمق الكيان الإسرائيلي، وتعتبر حلقة في سلسلة طويلة لأعمال فدائية قام بها المقاومون منذ سنوات وعقود سابقة، إلا أن حدتها وضراوتها على الإسرائيليين اشتدت بعد زيادة استفزازاتهم بالمسجد الأقصى، ومحاولاتهم، بدعم من حكومتهم، تقسيمه زمانياً ومكانياً، والشروع في تنظيم مسيرة الأعلام، وبذل الجهود لذبح القرابين، لكنها باءت بالفشل الذريع.

لم تتوافق أجهزة أمن الاحتلال بعد على تعريف محدد لمثل هذه الهجمات الفدائية، أسوة بتعريفات سابقة للعملية الاستشهادية التي تشمل "كل فدائي يحمل حقيبة أو حزاما ناسفا، أو سيارة مفخخة بالمتفجرات، أو قام بإطلاق نار وسط جمهور في مدينة، أو تسلل لمستوطنة، ويعلم أن فرص نجاته ضعيفة".

لا يبتعد هذا التعريف الذي راج في حقبة التسعينيات وأوائل انتفاضة الأقصى عن العمليات الاستشهادية التي حولت الجبهة الداخلية الإسرائيلية "كومة من نار" عن التعريف المتوقع لمنفذي الهجمات الأخيرة التي تشمل: الطعن بالسكاكين، والدعس بالسيارات، وإطلاق النار، أو جميعها معاً، في هجوم واحد.

يعتقد الاحتلال أن كلا النوعين من العمليات يحمل مضامين أساسية لدى المنفذين، أهمها توفر الروح الوطنية الصادقة، ولا يهاب الموت، وقدرة على الانسحاب من مكان العملية، إن تمكن من ذلك، خشية اعتقاله، وانتزاع اعترافات منه تحت التعذيب، وفي الوقت ذاته، قد لا يحتاج منفذ هذا النوع من العمليات رصداً مسبقا للهدف في كل مرة، بل إنه ينتهز أي ثغرة أمنية لدى الاحتلال، ثم ينقض على الهدف.

يدرك الإسرائيليون أكثر من سواهم أن هذه العمليات التي تم تتويجها بهجوم "إلعاد"، تكمن جدواها في تجذير مسألة المقاومة، وشعور كل فلسطيني أن بإمكانه استهداف الاحتلال في خاصرته الضعيفة، دون حاجته لانتماء مسبق لهذا التنظيم أو ذاك، أو مروره بمراحل من التدريب والتأهيل العسكري، وهذه ثغرة لم يستطع الاحتلال تجاوزها حتى كتابة هذه السطور!