فلسطين أون لاين

"مدينة القدس".. محاولات التهويد الإسرائيلي لم تتوقف منذ 55 عامًا

...
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

على مدار أكثر من 55 عامًا، لم تتوقف سلطات الاحتلال عن محاولاتها الرامية لفرض سيادتها الكاملة على مدينة القدس، وتنفيذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني، وصولًا لإحكام السيطرة المُطلقة عليها، عبر تكثيف الاستيطان وزيادة أعداد المستوطنين على حساب المقدسيين.

وتعد القدس أكبر مدينة في فلسطين التاريخية من حيث المساحة وعدد السكان وأكثرها أهمية دينية، كما أن موقعها الجغرافي جعل منها مركزا اقتصاديا وتجاريا هاما، بالإضافة إلى أهميتها الكبيرة على المستوى الروحي والتاريخي والثقافي والسياسي.

واحتلت قوات الاحتلال الشطر الغربي من مدينة القدس عام 1948، الذي يعادل 80% من مساحة القدس، وكان يضم 39 حيًا فلسطينيًا، بعد تدمير معظم مبانيها وما تبقى منها تم إشغاله بالمستوطنين ودوائر تابعة للاحتلال.

وعقب احتلال شرقي القدس عام 1967، أوعز وزير جيش الاحتلال الأسبق موشيه ديان وبتأييد من قادة الاحتلال، للمهندسين والمخططين للعمل على إيجاد واقع جديد بالقدس لصالح اليهود. وفي غضون أيام قليلة بعد الاحتلال، هُدمت حارة المغاربة بكاملها في القدس القديمة.

وجرى تهجير قرابة ألف فلسطيني من منازلهم، صودرت مساحة 17.700 دونم من الأراضي. طبقًا للسياسة الإسرائيلية الهادفة للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين.

تجدر الإشارة إلى أن مساحة القدس عشية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 كانت تبلغ حوالي 6.5 كم2، بحيث تصل شمالا إلى جبل المشارف، وجنوبا حي الثوري، وشرقا حدود بلدة بو ديس، وغربا خط الهدنة.

وبعد عام 1967 وسع الاحتلال حدود بلديتها لتصل إلى 70 كم2 انتزعت كلها من مساحة الضفة الغربية، بحيث ضمت كل المنطقة الواقعة إلى الشمال حتى حدود بلدية البيرة بعد استثناء الرام وضاحية البريد وبيرنبالا.

مشروع كبير

وقال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد والهدم ناصر الهدمي، إن مشروع التهويد في مدينة القدس "كبير ومحوري لدى دولة الاحتلال"، إذ يحظى بالاهتمام والدعم الكاملين من مختلف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وبيّن الهدمي خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال لا يتوقف عن هذا المشروع ويسخر كل طاقاته في مختلف مجالات التهويد سواء الديموغرافي أو العمراني، ومحاولات طمس الهوية المقدسية.

وأوضح أن الاحتلال لم يستطع أن يفرض الهوية الصهيونية طول تلك السنوات، مستدركًا "لكن يجب أن نعي أن الاحتلال يعمل وفق برنامج واستراتيجية بعيدة المدى".

وأشار إلى أن الاحتلال متوغل في الواقع التعليمي والاقتصادي بمدينة القدس، مضيفًا "هناك سيطرة واضحة من الاحتلال على الأقصى، يقابلها تآكل في دور الأردن تجاهه". 

وشدد على أن سلطات الاحتلال تواصل عملها الجاد في تذويب هوية المقدسيين وإلغاء انتماءهم والتصدي لانتهاكاتها، منبّهًا إلى أن الاحتلال لم يتوقف عن الاستيطان وهدم البيوت "لكن مركز المدينة لا يزال يعبر عن هوية المدينة".

مشاريع مختلفة

وقال الباحث في جمعية الدراسات العربية بمدينة القدس مازن الجعبري، إن هناك "تراجعًا كبيرًا في الوضع القائم بالمسجد الأقصى منذ عام 1967، حتى يومنا هذا"، مشيرًا إلى أن آخر 10 سنوات شهدت اختلافًا نوعيًا في مشاريع التهويد والسيطرة وفرض السيادة على الأقصى.

وذكر الجعبري خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الاحتلال هدم الحي الغربي للأقصى بالكامل عقب احتلاله لمدينة القدس، وأقام عليه الحي اليهودي الذي يسكنه حاليًا 3 آلاف مستوطن.

وبيّن أن التغيير الكبير في واقع مدينة القدس والمسجد الأقصى كان بعد اقتحام رئيس حكومة الاحتلال أرئيل شارون عام 2000، باحات الأقصى، مما فتح المجال أمام الجماعات اليمينية المتطرفة بالمطالبة بضرورة تواجداهم هناك.

وبحسب الجعبري، فإن (إسرائيل) استطاعت خلال 22 سنة أن تعزز سيطرتها وقوتها وإنهاء ما يُسمى بالوصايا الأردنية، مشيرًا إلى أنها تسعى لتقليص دور وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالقدس.

وأفاد بأن السنوات الأربع الأخيرة شهدت زيادة في الجمعيات الاستيطانية التي تطالب بإقامة الهيكل المزعوم مقارنة مع السنوات الماضية، عدا عن تثبيت التقسيم الزماني والمكاني.

وأضاف: الاحتلال حاول الوصول للتقسيم المكاني في القدس، لكنه فشل منذ عام 2017 في موضوع البوابات الالكترونية وغيرها من الهبّات الأخرى واستمرار المواجهات ما أدى لتراجع وتجميد المخططات الإسرائيلية.

وأوضح أن الاحتلال ضاعف أعداد المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى خلال السنوات الأخيرة، حيث بدأوا منذ العام الماضي بـ"الصلوات الصامتة" ثم العلنية.

ووفق الجعبري، لم يتبق للفلسطينيين سوى 13% من مساحة القدس، إذ يشكل سكانها 38%، والجزء المتبقي مُحتل لصالح الاستيطان والمستوطنين.